أوغست كونت، حياته، تعلمه
أوغست كونت: ولد عام ۱۷۹۸م في مدينة «مونتبلية» بفرنسا لوالدين كاثوليكيين، وقد إشتهرت والدته بتدينها، كما كانت ذات عاطفة رقيقة، أما والده فقد «كان نموذجا للموظف الحكومي المستقيم الذي يكرس حياته لعمله، وأسرته».
فأوجست كونت نشأ في أسرة كاثوليكية محافظة إلا أنه «وفي سنواته الدراسية المبكرة تخلى عن إتجاه أسرته الملكية، وأصبح جمهوري النزعة، يؤمن بمبادئ الحرية».
تعليمه
بدأ «كونت» دراسته الثانوية في التاسعة من عمره، واتجه في أول الأمر إتجاهاً أدبياً، وكانت له ذاكرة جيدة للحفظ، واستظهار ما يقرأ ولما بلغ الخامسة عشر من عمره ترك شعبة الآداب، والتحق بشعبة الرياضة وأراد دخول مسابقة مدرسة الهندسة الحربية العليا لكن سنة لم تكن قد تجاوزت السادسة عشر فانتظر سنة أخرى، حتى دخلها عام ١٨١٤ م.
واجهت «كونت» في حياته شدائد، ومصاعب أثرت عليه، وعلى تفكيره، فهو لم يستطع الإستمرار في تلقي علومه في المدرسة التي التحق بها، لمواقفه السياسية، حيث فصل من هذه المدرسة نتيجة ثورته على السلطات الحكومية لأنه «في عام ١٨١٦م تزعم حركة عصيان قام بها الطلاب، وكان من نتيجتها أن طرد، وبقية زملائه في نفس السنة الدراسية».
الآراء التي أثرت في «أوجست كونت»
يجمع المؤرخون على أن آراء «سان سيمون» الذي صحبه «أوغست كونت» هي التي أثرت عليه، وظهرت واضحة في مؤلفاته.
إلا أن «أوغست كونت» لا يعترف بالفضل لأستاذه ويغفل تماما إسم ذلك فقد كان يعرفه معرفة شخصية لأنه كان كاتباً عنده، «سان سيمون ومع وعلى كل حال فقد أثر تأثيرا حاسماً في تطور فكر كونت، وقد اقتدى بسان سيمون حينما عد نفسه مؤسساً لدين».
ويقول ج بنروني أيضا:
وسان سيمون قد اختط إلى حد كبير الطريق إلى الوضعية التجريبية، وفي نقط جوهرية نجده السلف المباشر لأوجست كونت، إنه أول من استخدم اللفظ، وضعي، بمعنى المذهب الوضعي .. إنه يتنبأ بقرب مقدم عصر الأفكار الوضعية التي ينبغي أن تحل محل الأفكار الخارقة للطبيعة ويطرح كل تفكير نظري ميتافيزيقي، ويتحدث عن إمكان وضرورة دراسة المجتمع دراسة علمية خالصة، ويود أن يستبدل بالنزعة التاليهية نزعة طبيعية أي نوعاً من دين العلم، وسان سيمون يطالب بسياسة فزيائية، وعلم اجتماع أى بفسيولوجيا للمجتمع موضوعها دراسة الناس المجتمعين في جماعة، وذلك بمنهج وضعي.
وهذه الآراء التي دعا إليها «سان سيمون» هي نفسها التي ظهرت في مؤلفات «أوغست كونت» فيما بعد.
ويقول الدكتور حسن سعفان:
إن لـ «سان سيمون»، أكبر الأثر في توجيه أوجست كونت إلى إنشاء علم الإجتماع، فلقد اعتمد كانت عليه في معظم آرائه والبحوث التي قام بها سيمون فيما سماه العلم السياسي هي تقريبا ما سماه أوجست كونت «علم الإجتماع»، ذلك أن أصالة، كونت، لم تكن كبيرة مما دعا بعض علماء الإجتماع إلى القول بأنه لم يفعل أكثر من مجرد تنظيم الأفكار والنظريات السابقة عليه، والسائدة في عصره.
وكذلك تأثر «أوغست كونت» في قانونه الشهير الذي توصل إليه وهو قانون الحالات الثلاث، ونظريته عن التقدم بمن سبقه فقد كان معروفا عند غيره من الفلاسفة أمثال «جاك تيرجو» (۱۷۲۷ - ۸۱) الذي حاول أن يوضح أن تقدم معرفة الإنسان بالطبيعة كانت مصحوبة بتحرر عقله تدريجيا من التصورات والمفهومات الغيبية، وقد مرت هذه العملية - في رأيه - بمراحل ثلاث على النحو التالي:
- الأولى: افترض فيها الناس أن هناك كائنات عاقلة تحدث الظاهرات الطبيعية وهي غير مرئية، ولكنها تتجلى.
- الثانية: بدأ فيها الناس يفسرون هذه الظواهر بواسطة تعبيرات محددة مثل الجوهر، والقوة.
- الثالثة: قام الناس فيها بصياغة فروض يمكن تسميتها بالرياضيات وتحقيقها بالتجربة، وذلك من خلال ملاحظاتهم للأفعال الميكانيكية المتعادلة.
وبعد فهذه نبذة مختصرة عن حياة «أوغست كونت» مؤسس المدرسة الوضعية الفرنسية لانرى فيها أي مثالية تستحق الاشادة به، واعتباره مصلحاً من المصلحين ففي حياته - كما رأينا - الكثير من المزالق والعيوب مما يجعل الإنسان يأنف من سيرته، ولكننا مع ذلك نجد معظم كتب علم الاجتماع العربية تشيد «بـ أوغست كونت»، وتراه مفكراً، ومصلحاً، وتكيل له مختلف ألوان الثناء.
قائمة المراجع:
عائشة علي روزي الخوتاني، الأخلاق عند المدرسة الوضعية (لأوغست كونت ومدرسته)، رسالة ماجستير، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤١٢ هـ، ٣٧-٤٥.