التدريس المصغر، نشأته، مفهومه، أهدافه، مميزاته
نشأة التدريس المصغر وتطوره: ظهر في أوائل الستينات من القرن العشرين، وبدأ تطبيقه في العلوم التطبيقية في جامعة ستانفورد Stanford University علي يد دوايت الن وزملائه Dwight Allen and athers عام (١٩٦١م) وعرف بمذهب ستانفورد، ثم طبق في جامعة بركلي في كاليفورنيا University of California Berkeley، وقد شاع استخدام هذا النمط من التدريس في برامج التربية العملية للمعلمين في التعليم العام في الجامعات الأمريكية منذ ذلك التاريخ، ثم استخدم في بعض الجامعات الأوربية، وبخاصة البريطانية منها في بداية السبعينات الميلادية، وأقرت الجامعات البريطانية التدريس المصغر واعتمدته جزءا أساسيا في عمليات إعداد المعلمين، ثم انتقل هذا النمط من التدريس إلى العالم العربي في منتصف السبعينات الميلادية، وطبق في كثير من جامعاته وكلياته، ونقلت بعض الكتب والدراسات الأجنبية إلى اللغة العربية، ثم ألفت كتب أخرى باللغة العربية.
ولقد قام هذا النموذج من التدريس المصغر على أساس من المفهوم السلوكي للتعليم من خلال تعديل السلوك كما هو عند رائد التعليم المبرمج سكنر (Skinner) الذي يؤكد على أهمية التغذية الراجعة، والتعزيز الفوري في تعديل السلوك وبناءً على ذلك فإن المتدرب يحتفظ بالملوك الصحيح عندما يلقى تعزيزاً إيجابيا، ويبتعد عن السلوك الخاطئ بناءً على التعزيز السلبي، ويحسن أدائه تدريجيا حتى يصل إلى الأداء المطلوب، ولكي يضمن المتدرب الاستفادة من التغذية الراجعة والتعزيز لتحسين أدائه ينبغي أن تكون المهمة أو المهارة التي يتدرب عليها قصيرة قدر الإمكان. من هنا جاءت فكرة تقسيم الدرس إلى أجزاء ثم تقسيم كل جزء إلى مهارات أو مهام قصيرة، يمكن التدرب عليها مرات عديدة حتى يتم إتقانها. (١)
مفهوم التدريس المصغر (Micro Teaching)
التدريس المصغر استراتيجية من استراتيجيات التدريب على المهارات التدريسية يقوم على تحليل العملية التعليمية وتحليل أداء الطالبة المعلمة إلى مجموعة من المهارات السلوكية والعمل على تقويتها حتى تصير قادرة على تأدية عملها على أكمل وجه.
والتدريس المصغر كما يراه الكروي (۱۹۸۲م): " مفهوم تدريبي أساسه النظرة إلى التدريس باعتباره سلوكاً مكوناً من مجموعة من المهارات المعقدة، التي يمكن تحديدها من خلال تحليل هذا السلوك ثم التدرب على كل منها تدريباً مكثفاً وتحت ظروف معينة يمكن التحكم فيها بالاستعانة بالوسائل والأجهزة المناسبة ومن الممكن تطبيقه في مراحل النمو والتطور المهني للمعلمين سواء أكان ذلك بالنسبة للتدريب السابق للخدمة، أم للتدريب أثناء الخدمة إلا أن المجال الذي ينبغي أن يطبق فيه هذا الأسلوب المتقدم من أساليب التدريس هو مجال التربية العملية باعتبارها عنصراً هاماً وأساسيا في إعداد المعلمين حيث تتاح فيه الفرصة الكافية للطلاب المتدربين ليطبقوا ما تلقوه في كليات التربية ومعاهدها من نظريات وأفكار ومعارف تربوية مختلفة لاسيما بالنسبة للتدريس والتعليم". (٢)
أهداف التدريس المصغر
أهداف أستخدم أسلوب التدريس المصغر هي كما يلي:
- تحليل العملية التدريسية: من أبرز ما يميز العملية التدريسية داخل الصف المهام والمهارات العديدة والمعقدة في محاولة احتوائها بقدر الإمكان لمحاولة وضمان إدارة الدرس بكفاءة عالية، ومن هنا يعمل التدريس المصغر على تجزئة عمل المعلم إلى مهارات فرعية وسلوكية مثل: (تهيئة الدرس، إلقاء الأسئلة استخدام السبورة، الغلق) وإمكانية التدريب عليها واكتسابها.
- تصغير الموقف التدريسي: قد يصاحب الطالب المعلم عند التدريس لأول مرة في الفصول المدرسية صعوبات وخوف مما يجعل هناك أثر سلبي لدى المبتدئ وبالتالي فإن التدريب باستخدام التدريس المصغر يبسط ذلك الموقف الصعب من حيث الأهداف - حجم الفصل - المحتوى - المهارات...
- التغذية الراجعة من خلال أجهزة التسجيل: ما يقوم علية التدريس المصغر من التسجيل بالفيديو للموقف التدريسي للمتدرب من أهم أهداف ظهور التدريس المصغر وذلك لضمان التغذية الراجعة للمتدرب من خلال عرض أدائه عن طريق مشاهدة التسجيل والنقد الموجه من خلال المشرف والزملاء.
- اختصار مدة التنفيذ: يعتمد التدريس المصغر على اختزال المهمة التعليمية وتحديد النشاط أو المهارة المطلوب التدرب عليها، وهذا يجعل الطالب المعلم يتقبل العمل ويقدم علية ويستعد للقيام به ويقلل الارتباك والنسيان لكثرة الأنشطة وتنوعها. (٣)
مميزات التعليم المصغر
ليتسم التدريس المصغر بمميزات عدة منها:
- التخفيف من حدة الموقف التدريسي الحقيقي يشعر المتدرب بقدر من الثقة تمكنه من السيطرة على عناصر الموقف التعليمي.
- التخفيف من التعقيد في الموقف التعليمي الحقيقي في الفصل لبساطة المحتوى في التدريس المصغر، ومحدودية فترة التدريس وقلة المتعلمين.
- يراعي قدرات المتدرب وإمكانياته؛ حيث يتيح للمتدرب اختيار محتوى الدرس ومهارة التدريس، ووضع خطة الدرس بنفسه.
- يمكن المتدرب من تدارك الأخطاء وتلافي آثارها لأنه موقف محسوب الخطوات محدد الإجراءات تقل فيه المخاطرة والعشوائية.
- يساعد المتدرب على تركيز جهده لاكتساب مهارات تدريسية أساسية وصرف النظر على المهارات الثانوية.
- يساعد المدرب على تعديل سلوكه التدريسي والارتقاء بمستواه من خلال أساليب التغذية الراجعة المتنوعة التي تعقب عملية الأداء.
- يزيد من العلاقات بين المشاركين في التدريب سواء بين المدربين أو المتدربين يساعد على انتقال أثر التدريب من الموقف التدريبي إلى الموقف المشابهة في الحياة العملية
- يمكن المتدرب من إتقان المهارات التدريسية المختلفة، فهي تتيح له إعادة تكرار الأداء حتى الإتقان. (٤)
صيغة التدريس المصغر
إن صيغة التدريس المصغر توجيه الطالب المدرس للجوانب الإجرائية الأساسية التي ينبغي أن يضلع بها والمثال الأتي يوضح ذلك على الرغم من أن الأنشطة التعليمية الأربعة (مدى التعبير على الحقائق المهنية، تنمية القدرات، صقل القدرات، شحذ المهارات) موجهة نحو مهارات او قدرات مختلفة، إلا أن كلا منها يتبع صيغة مشابهة.
- تقرأ عن نشاطك.
- وتوجه لمراجعة المعلومات المتعلمة بمهارات تدريسة محدودة.
- تخطط درساً مصغراً مسترشد بقواعد تخطيط الدرس. (٥)
إيجابيات التدريس المصغر
- يقدم تغذية راجعة فورية ومن مصادر متعددة مثل مشاهدة المتدرب لنفسه وتحليل سلوكه ومعرفة نواحي القوة والضعف.
- تركيز المتدرب في أثناء الحصة الواحدة على مهارة معينة
- يقلل من تعقيدات الموقف التدريسي كعدد الطلبة والوقت المستغرق.
- أنه وسيلة للتدريب المستمر حيث تتيح للطالب فرصة تجريب طرق جديدة وكسب وتنمية عدد من المهارات التدريسية.
- يساعد على التطوير التدريجي لمهنة التدريس المعمولة بالتجربة.
- ممارسة مأمونة تقلل مخاطر الفشل داخل الصف.
- يوفر اقتصاد في الوقت والجهد مقارنة مع ما يلزم بواسطة طرق الاعداد الاخرى. (٦)
سلبيات التدريس المصغر
- لايزال التدريس المصغر محفوفا بالصعوبات والنقائص ومن أهمها صعوبة الوصول الى تحليل دقيق لعملية التدريس وصعوبة تحقيق التكامل بجميع مهارات التدريس
- ينتقدها البعض لأنها تتم في جو صناعي بعض الشيء.
- أن التدريس المصغر ليس وسيلة بديلة لبرامج التدريب الحالية ولكنها يمكن أن تكون وسيلة ممهدة او مكملة او اضافية.
- عدم توفير الإدارات آلات التصوير وجهاز تسجيل وكذلك الفنيين.
- يحتاج الى كثير من الجهد المادي والبشري والموضوعي وانه يوجه الى مجموعة قليلة من المتدربين وهذا لا يفيد في بعض الدول النامية ذات الأعداد الهائلة والإمكانات الاقتصادية المحدودة. (٧)
قائمة المراجع:
١- محمد بن امبارك الزهراني، واقع استخدام التدريس المصغر كأسلوب إشرافي من وجهة نظر المشرفين التربويين، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤٣٢ هـ، ص ٤٤-٤٥.
٢- مرام محمد دحلان، أثر التدريس المصغر على أداء طالبات التربية العملية بقسم التربية الفنية بكلية المعلمات بمكة المكرمة، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ۲۰۰۳، ص ٦٨-٦٩.
٣- سلطان بن سفر دخيل الله المالكي، فاعلية التدريس المصغر في إكساب الطلاب معلمي الرياضيات بعض مهارات التدريس، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠٠٩، ص ١١٤.
٤- د. ماجدة راغب محمد بلابل، فاعلية برنامج مقترح قائم على فلسفة التدريس المصغر في تنمية الأداء المهني والاتجاه نحو المهنة لدى معلمي المواد الفلسفية بالمرحلة الثانوية، دراسات عربية في التربية وعلم النفس (ASEP)، العدد السادس والثلاثون، الجزء الثالث، ٢٠١٣، ص ٢٤-٢٥.
٥- د. حيدر خزعل نزال، أثر استعمال التدريس المصغر في اكتساب طلبة كلية التربية الأساسية قسم التاريخ بعض مهارات التمهيد للدرس، مجلة جامعة كربلاء العلمية، المجلد السادس، العدد الثالث / إنساني، ٢٠٠٨، ص ٦٢.
٦- د. عبد الرزاق سرحان حسين الجميلي، أثر التدريس المصفر في اكتساب طلبة كلية التربية لمهارات تدريس التاريخ، مجلة كلية التربية الأساسية ، المجلد ٢٠، العدد ٨٦، ٢٠١٤، ص ٦٠٩.
٧- المرجع السابق نفسه، ص ٦٠٩.