التفكير الابتكاري، بداياته، تعريفه، أهميته

التفكير الابتكاري، بداياته، تعريفه، أهميته

بدايات التفكير الابتكاري: للتفكير الابتكارى العديد من الدراسات التربوية التي اهتمت بقياس السلوك الابتكاري، حيث أن بعد الحرب العالمية الثانية حصلت تطورات في شتى المجالات التقنية، والبحث العلمي، والمجالات القيادية التنفيذية، والفنون مما أدي إلى تنشيط بحوث القياس النفسي والتربوي لمواجهة هذه التطورات.

وأظهرت الاختبارات المتعلقة بالتفكير الابتكاري وما يتضمنه من أنشطة غير مألوفة التي تتفق مع التوجهات التربوية المعاصرة التي تؤكد على أهمية تنمية استراتيجيات التفكير التي تشجع الطلاب على إنتاج معلومات جديدة، وتوظيف إمكانياتهم الفعلية في مواقف تربوية متنوعة، مما يتطلب بناء اختبارات من نوع مختلف لقياس التفكير التباعدى وتقييم نواتجه. 

وتعد الابتكارية من المفاهيم التي نالت اهتمام علماء النفس، إذا يرى بعض هؤلاء العلماء أنها عملية ممتدة عبر الزمن وتتميز بالأصالة والتواؤم، والتحقيق، وهذا إنه يعني ينبغي دراسة الأفراد الذين تميزوا بمستوى مرتفع من العمل الابتكاري.

ويرى البعض أنها عملية أو عمليات سيكولوجية تسهم في تشكيل إنتاج يتميز بالجدة والقيمة، في حين لا يركز البعض منهم في مناقشته لمفهوم الابتكارية على العملية وإنما على الإنتاج ذاته.

ويري ماكينون أن الابتكارية تضم عددا من الأوجه المترابطة ويمكن تقسيم هذه الظاهرة التي تتسم بالتعقيد إلى أوجه أو جوانب متمايزة يمكن التعامل معها بدرجة أفضل من مفهوم الابتكارية بعامة، وهي: الابتكارية كإنتاج، الابتكارية كعملية، والشخص المبتكر، والموقف الابتكاري.

ومن الدراسات الثرية المتعلقة بالاستعدادات الابتكارية التي أجراها جيلفورد (Guilford) ومعاونوه في مشروع بحث الاستعدادات بجامعة جنوب كاليفورنيا منذ عام ١٩٤٩، ودراسات تورانس ومعاونيه بجامعة مينسوتا تعد من الدراسات الرائدة في هذا المجال، وقد أسهمت دراسات وبحوث جيلفورد ومعاونوه في اقتراح نموذج بنية العقل التي تتضمن الأبعاد أو الأوجه الثلاثة المتعلقة بالمحتوى والعمليات والنواتج التي تم التوصل إليها باستخدام منهج التحليل العاملي 

ومن بين هذه العمليات الرئيسة التفكير التقاربي أو النمطي، والتفكير التباعدي أو المنطلق التي زاد الاهتمام به كقدرة عقلية تفوق محدودية اختبارات الذكاء وأوجه قصور مفهوم نسبة الذكاء. 

وحاولت بعض الدراسات التعرف ما إذا كان الذكاء العام يفسر الأداء الابتكاري، أم أن هناك عاملا يفسر ارتباط اختبارات التفكير التباعدي فيما بينها، غير أن كروبلي اقترح دراسات كحل وسط بين طرفي النقيض هو أن الوظائف العقلية لتفكير التباعدي ترتبط ارتباطا وثيقا بالوظائف العقلية بنمط التفكير التقاربي. ودلل على ذلك إن الأفراد الذين يحصلون على درجات مرتفعة في اختبارات الذكاء، ولكن أدائهم يكون في اختبارات التفكير التباعدي قد يكون مرتفع أو منخفض. (١)

تعريف التفكير الابتكاري

التفكير الابتكاري هو القدرة على إنتاج عدد من الأفكار الأصلية غير العادية، تخرج عن الإطار المعرفي للفرد المفكر أو البيئة التي يعيش فيها، ويتميز هذا النوع من التفكير بعدد كبير من الطلاقة والمرونة والأصالة، حيث:

1. المرونة: يقصد بما تنوع الأفكار المناسبة التي يأتي بها الفرد. 
2. الأصالة: يقصد بها الأفكار الجديدة التي يأتي بها الفرد إما بالنسبة لنفسه أما بالنسبة لزملائه.
3. الطلاقة: تعني تعدد الأفكار الصحيحة التي يمكن أن يأتي بها الفرد. (٢)

والتفكير الابتكاري يعرف أيضا بأنه مزيج من المرونة والأصالة والطلاقة للأفكار التي تجعل المفكر قادراً على تغيير طرق تفكيره المألوفة إلى طرق مختلفة أخرى ذات إنتاج تتابعي، وهذه تعطيه رضا عن نفسه وأحيانا عن الآخرين. (٣)

أهمية التفكير الابتكاري

یری عایش زیتون أن الاهتمام بالابتكار أصبح ضرورة عصرية حيث يقول أصبح الاهتمام بالابتكار والمبتكرين علميا في الدول المتقدمة والنامية على السواء ضرورة قصوى في العصر الحديث، وقد يرجع ذلك الى أهمية الابتكار العلمي في تقدم الإنسان المعاصر، وفي التقدم الحضاري الراهن وكذلك كون كونه الاداة الرئيسية للإنسان في مواجهة المشكلات الحياتية المختلفة وتحديات المستقبل معها. (٤)

هذا الاهتمام العلمي بالابتكار وتنمية قدرات التفكير الابتكاري، والذى اتسع نطاقه في الستينات، يعتبر من المجالات التي تحظى بقدر كبير من الدراسة والبحث سواء في الجامعات أو في مراكز البحوث العلمية أو حتى في مراكز البحوث في القطاع الخاص. (٥)

دور المدرسة في تنمية التفكير الابتكارى (٦)

يرى فاخر عاقل أن المدرسة تلعب دورا هاما في تنمية التفكير الابتكارى ففي معظم الكتابات التي كتبها المربون والكتاب والعلماء وسواهم في الأيام الأخيرة والتي أبرزوا فيها الحاجة الى التغيير والمرونة في التربية فإن هناك نقد عنيف للظلم الفاضح الذي يمارسه النظام التربوى الذى يطالب بأن يلتزم الطلاب أنماطا محددة من التصرف والتفكير والذي يشجع الببغائية أكثر مما يشجع التفكير، كما كانت هناك حملات على المعلمين القابعين في قواقعهم والذين يحاربون كل ابتكار ويتنكرون له مع أن من المفروض في المعلم أن يكون مبتكرا لاسيما وأن المادة التي يتعامل بها هي النفس البشرية.

لذلك فإن هناك بعض المقترحات التي تساعد المعلم في هذا المجال والتي قدمها عبد المجيد نشواتي في الخطوات التالية:

تقبل النشاطات غير المألوفة واستحسانها

ان الابتكار يعتمد أساسا على إنتاج (الجديد) أو (غير المألوف) ويتردد بعض الطلاب عادة في الافصاح عن أفكارهم أو نشاطاتهم المختلفة وغير التقليدية، وذلك خوفا من النبذ أو السخرية أو الدرجات المنخفضة لذا يجب على المعلم أن يتقبل ويعزز الاختراعات والنتاجات الفريدة والأساليب غير المألوفة في معالجة الأشياء وحل المشكلات وكتابة البحوث واجراء التجارب مما يساعد طلابه على الخلاص من حالة التردد ويشجعهم على القيام (بمخاطرة) التعبير عن (الجديد) أو ( المختلف).

تقبل بعض مظاهر عدم الامتثال

ينزع عدد من الطلاب بطبيعتهم الى عدم الخضوع الكلي للقواعد والمعايير والنظم السائدة، سواء داخل المدرسة أو خارجها، وتشير بحوث عديدة الى أن هذه النزعة هي احدى السمات التي تميز الطلاب ذوي القدرة على التفكير الابتكاري كالمرح والميل إلى المخاطرة والاندفاع ويميل بعض المعلمين عادة إلى تكوين اتجاهات سلبية نحو الطلاب الذين يتمتعون بمثل هذه الصفات ویری تورانس أن المعلم الذي يطور امكاناته التربوية الخاصة يمكن أن يكون اتجاها تسامحيا نحو طلابه الأمر الذي يساهم في تحرير طاقاتهم الابتكارية وتعزيزها.

تشجيع الأسئلة المنطلقة

ان التفكير الابتكاري، تفكير منطلق في أصله، وتشجيع الطلاب على اثارة الأسئلة المتشعبة التي تنطلق بما هو معروف الى ماهو جديد فينمي التفكير الابتكاري عندهم أى تشجيع الطلبة على سوء ال يتفرع منه عدة أسئلة من شأنها اثارة تفكير الطلبة وبالتالي يكون السؤال معروف إجابته ولكن يحتوي على عناصر تحتاج لشرح وفهم وبذلك يجـر السؤال الى سؤال ال آخر وهكذا.

المرونة في استخدام التعزيزات وتحديد الواجبات المدرسية

يمثل المعلم مركزا يمكنه من تشجيع الابتكار وحب الاستطلاع والاستقلال والثقة بالنفس بحيث يستطيع أن يعزز مظاهر هذه السمات عندما تتبدى عند بعض الطلاب، وذلك باستخدام التوجيه وكلمات الثنـ وابتسامات التشجيع كما يستطيع المعلم تعديل الواجبات المدرسية على نحو واسع، عندما تتبدى بعض مظاهر السأم أو الفجر عند الطلاب بحيث يستثير اهتماماتهم وميولهم، فتغدو دافعية التعلم أكثر فعالية كما يغدو التعبير الابتكارى أكثر نزوعا الى الظهور.

اقرأ أيضا: ما هو التفكير؟

قائمة المراجع:

١- محمد بن عبد الله صالح الحازمي الحربي، أثر منهج التربية الفنية الجديد في تنمية التفكير الابتكاري لتلاميذ المرحلة الابتدائية بمدينة جدة، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠١٢، ص ٤٢-٤٣-٤٤.

٢- عوض بن صالح بن صالح المالكي، مدى امتلاك معلمي الرياضيات لبعض مهارات تنمية التفكير الابتكاري، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤٢٢، ص ١٧.

٣- هند بنت حسن عبد الله عزوز، فاعلية بعض الأنشطة التعليمية في تنمية قدرات التفكير الابتكاري لدى عينة من أطفال الروضة في مدينة مكة المكرمة، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ٢٠٠٨، ص ٣٨.

٤- عايش محمود زيتون، تنمية الإبداع والتفكير الإبداعي في تدريس العلوم، ط١، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، ١٩٨٧، ص ٩.

٥- صاحب أحمد إبراهيم الالوسي، أساليب التنمية المدرسية في تنمية قدرات التفكير الابتكاري، مكتب التربية العربي لدول الخليج، ١٩٨٥، ص ٧٥.

٦- غريسة عبد العزيز محمد السويدي، تنمية التفكير الابتكاري عن طريق الأنشطة اللاصفية في المواد الاجتماعية، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، ١٤٠٩، ص ٢٤-٢٥-٢٦.

نقلا عن:

- فاخر عاقل، الإبداع وتربيته، ط٣، دار العلم للملايين، ١٩٧٥، ص ١٤٧. 

- عبد المجيد نشواتي، علم النفس التربوي، ط١، دار الفرقان، عمان، ١٩٤٨، ص ١٣٩-١٤٠.