بحث جاهز عن الإرشاد التربوي
مفهوم الارشاد: لقد تم تحديد مفهوم الإرشاد في ضوء الأهداف التي تسعى اللجنة العليا للارشاد التربوي والتوجيه المهني إلى تحقيقها من خلال إنجاح تجربة الإرشاد في المدرسة العراقية.. بأنه: (خدمة مخططة تهدف الى تقديم المساعدة المتكاملة للطالب حتى يستطيع حل المشكلات الشخصية والتربوية والصحية والأخلاقية التي يواجهها في حياته أو التوافق معها، ويتضمن المساعدة الفردية التي يقدمها المرشد التربوي للشخص الذي يحتاج المساعدة حتى ينمو في الاتجاه الذي يجعل منه مواطناً ناجحاً قادرا على تحقيق ذاته في الميادين الدراسية، والمهنية أو غيرها، وأن يتوافق معها بدرجة تحقق له الشعور بالرضا والسعادة). (١)
أهداف الإرشاد التربوي
يهدف الارشاد التربوي والتوجيه المهني الى الآتي:
- تهيئة الطلبة لمواجهة مشكلات مرحلة المراهقة والتكيف المناسب معها.
- توجيه الطلبة نحو الألتزام بالقيم والأبتعاد عن العادات والممارسات والأفكار الغربية، وغرس المفاهيم الحميدة في نفوسهم.
- الأهتمام بمشاعر وأنفعالات الطلبة ومواقفهم من قضاياهم والعمل على غرس الثقة بأنفسهم من خلال توجيههم للأشتراك في الممارسات العملية والنشاطات المختلفة واللجان العلمية والأدبية والنوادي.
- دراسة مشكلات الطلبة المختلفة وإيجاد الحلول لها أو التخفيف من حدتها.
- تعريف الطلبة بحاجة المجتمع إلى الأختصاصات المختلفة.
- التعرف على ميول واتجاهات الطلبة وقدراتهم واستعداداتهم لغرض تنميتها وتوجيههم على وفق قدراتهم وأستعداداتهم بما ينسجم ومتطلبات خطة التنمية. (٢)
واذا كان الهدف من التوجيه تربوياً أو مهنياً فأنه بلا شك يحقق ذاتية الفرد (المسترشد) من خلال الاحترام له كـ (شخصية) مستقلة لها كيان من قبل من يقوم بتقديم الخدمات اللازمة لمساعدته ويؤمن بطاقته وقدرته حتى يتمكن من اختيار الحلول الأكثر ملائمة لنفسه ويقرر ما يعمل ويتعرف دون مرارة ونقص وضيق. (٣)
مبررات الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي
هناك حاجة ملحة للإرشاد النفسي، فهو لا يعد ترفا للحياة العصرية، بل ضرورة من ضروراتها، وواحد من مترتبات الحياة الإنسانية المتجددة على مر العصور، وذلك للأسباب الآتية:
- التغيرات المصاحبة لنمو الفرد: يمر الإنسان خلال مراحل نموه بفترات حرجة، كما يتعرض لتغيرات جسمية ونفسية واجتماعية وعقلية وغيرها، وقد يصاحب تلك التغيرات مشكلات يشعر معها أنه بحاجة الى من يساعده ويقف الى جانبه في التغلب عليها، كما يواجه الافراد في مراحل نموهم العادية مشكلات متنوعة، منها عدم القدرة على اتخاذ القرارات الهامة كـ(أختيار) المهنة، أو الزوجة أو نوع الدراسة، فتظهر لديهم حاجة اكيدة لمن يساعدهم في ذلك.
- التجديدات والتغييرات التربوية: الحاجة إلى الإرشاد في المدارس والجامعات أكثر الحاحاً، بسبب أزدياد أعداد الطلبة فيها، وتنوع التخصصات الدراسية، وقد يصعب على الطلبة التكيف مع التطورات التي تحدث في المناهج، أو ضعف التفاعل فيما بينهم، أو في تعدد المجالات الدراسية والمجالات المهنية، كل ذلك ساهم في زيادة حالات القلق والحيرة، وعدم القدرة لدى البعض منهم على مسايرة تلك التغيرات المتسارعة، فأصبحوا بحاجة إلى الإرشاد النفسي ليساعدهم في التغلب على آثار تلك التغيرات، ويبعد عنهم القلق، ويسهل عملية تكيفهم مع هذه المستجدات.
- التغيرات الاسرية: طرأت على الاسرة تغيرات عديدة، وطال هذا التغيير بناءها، ووظائف أفرادها، وصلاتهم ببعضهم، وأبعد هذا التغيير الأب وأحيانا الأم عن أطفالها لفترات طويلة من اليوم، واعتماد بعض الأسر على مربيات لأطفالهم، أو أرسالهم الى دور الحضانة لا يتوافر فيها ما يشبع حاجات الطفل، مما حرم الكثير من الأطفال من تحقيق جميع مطالبهم النفسية أو الاجتماعية، وساهم ذلك في ظهور مشكلات انفعالية أو سلوكية لديهم.
- التغيرات الاجتماعية: طرأت على المجتمعات بصورة عامة تغيرات سريعة، شملت بعض العادات والتقاليد والمعايير الاجتماعية للسلوك، ووسائل الضبط الاجتماعي، والتغير في بعض القيم, والتغير الذي أصاب العلاقات الانسانية، وأسلوب الحياة التي يعيشها الفرد، وصاحب ذلك التغير تقدم سريع في وسائل الاتصال بين الشعوب، وما تحمله من أنماط وعناصر ثقافية مختلفة، وأحيانا متناقضة، كل ذلك ساهم في زيادة القلق والتوتر لدى الأفراد، وجعلهم بحاجة للخدمات الارشادية أكثر من وقت مضى.
- التغيرات التكنولوجية السريعة: أدى التقدم العلمي الكبير وما صاحبه من منجزات علمية، ومخترعات دخلت الى الأسرة والمنزل خاصة وسائل نقل المعلومات، مثل التلفزيون ووسائل الاتصال الحديثة مثل الانترنيت، ووسائل الترفيه ما كان له آثار سلبية في العلاقات بين الأفراد في الأسرة والمجتمع، وأدى الى تغيير بعض الأفكار والمفاهيم والاتجاهات والقيم، ما ساعد في ظهور مشكلات نفسية تحتاج الى مساعدة المرشد للتغلب عليها.
لهذه الأسباب وغيرها كثير، تزداد الحاجة إلى الارشاد وخدماته يوما بعد يوم. وما يزيد من الحاجة اليه أنه يقوم بدور وقائي ودور انمائي أيضا، لذلك يجب أن لا ننتظر حتى يصبح الأفراد في حالة اضطراب وقلق لنقدم لهم المساعدة الارشادية، بل يجب العمل بشكل دائم مع الأفراد لابعادهم عن كل ما يمكن أن يسبب لهم ضيقا أو قلقا.
وأن يعمل الارشاد وبشكل دائم على تنمية قدرات الأفراد وإمكاناتهم ليتمكنوا من مواجهة التغيرات المستمرة والضغوط المتوقعة ومواجهة ظروف الحياة ومتطلباتها. (٤)
أخلاقيات مهنة الإرشاد التربوي
وهي مجموعة من القواعد والمبادئ الاخلاقية التي تحدد قواعد السلوك المهني السليم يلتزم به أفراد المهنة، لتنظم هذه المهنة، وزيادة فاعليتها، وترسيخ جذورها في المجتمع، والارتقاء بها، بما يكفل لها البقاء والاستمرار ولمنتسبيها وللمستفيدين من خدماتها كامل حقوقهم وواجباتهم، كل ذلك من خلال إطار دستوري وقانوني. (٥)
ومن أهم أخلاقيات الإرشاد التربوي والنفسي الآتي:
- التقبل: من اهم نجاح الجلسة الارشادية ان يتقبل المرشد المسترشد كما هو دون النظر الى أمور أخرى كـ (الدين، والقومية، اللون، الجنس، الحزب، القرابة..). والتقبل يجب أن يهتم بكل جوانب الشخصية وليس جزء منها. (٦)
- الترخيص: يعد الترخيص شرطاً اساسياً لممارسة العمل الإرشادي، أي الحصول على رخصة من الجهات العلمية والمهنية والرسمية لمزاولة مهنة الإرشاد.
- القسم: أن يُقْسِمَ قَسَمُ المهنة الذي من أهم بنوده مراعاة الله في عمله، ومراعاة أخلاقيات المهنة.
- سرية المعلومات: المحافظة على سرية العلاقة الارشادية، وسرية المعلومات الناتجة عنها، ولا يجوز كشفها إلا بموافقة المسترشد، ولا يجوز تسجيل المقابلات الارشادية الا بموافقة المسترشد، والالتزام بانهاء العلاقة الارشادية إذا ما شعر المرشد بعدم قدرته على مساعدة المسترشد، واحالة المسترشد الى أخصائي مناسب. والمعلومات تكون سرية على الجميع حتى على رجال القانون. الا بتصريح من قبل المسترشد كتابياً، وقد يسقط حق السرية في بعض حالات العدوان المباشر على المرشد أو على سمعته أو الإضرار به أو باعضاء الهيئة التدريسية، أو الاعتداء على الصالح العام وحقوق المجتمع.
- العلاقة المهنية والارشادية: العلاقة بين المرشد والمسترشد هي علاقة مهنية محكومة بعدد من المعايير الاجتماعية والأخلاقية والقانونية المعروفة ولا ينبغي أن تتطور الى علاقات أوسع خارج نطاق المهنة.
- الأخلاص في العمل الإرشادي: والإخلاص مطلوب في أي عمل من الأعمال ونستعين بحديث الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) (إن الله يحبُ إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنهُ). (٧)
- فعلى المرشد التربوي أن يكون مخلصا في عمله وأن يُرضي ضميره، ورضاء الضمير هو رضا الله سبحانه وتعالى ورضاء الله هو الإخلاص في العمل.
- الكرامة الأخلاقية والأجتماعية: أن يحافظ المرشد على كرامته وأخلاقيات مهنته، بأن يراعي جميع المبادئ الأخلاقية عند استخدام الاختبارات والمقاييس والارشاد والاستشارة النفسية. فلا يصح ان تقوم العملية الارشادية الا في المكان المخصص لها، والزمان المحدد لها والحفاظ على كرامة المسترشد. (٨)
- التشاور مع زملائه في المهنة: خاصة في الحالات التي تستدعي الى ذلك مثل الحالات الجديدة أو الغريبة، وقد يحتاج المرشد الى مشاورة الطبيب العام أو الاختصاصي أو المحامي أو غيرهم. على أن يلتزم بالأخلاقيات المرتبطة بكل ذلك.
- الالتزام بالأخلاقيات المتعلقة بالقياس والتقويم ومنها: أن يكون الهدف من اجرائها واضحا للمسترشد، وتقديم التوجيهات اللازمة قبل إجراء الاختبار وبعده، والتأكد من صدق الاختبارات المستخدمة وثباتها، والتقيد بتعليمات وشروط اجرائها، وأن يتوخى الدقة والموضوعية عند تفسير نتائج الاختبارات. (٩)
قائمة المراجع:
١- عبدالله يوسف عبدالله الطيار، الصعوبات التي تواجه المرشدين التربويين وعلاقتها بالرضا المهني، رسالة ماجستير، جامعة تكريت، كلية التربية، العراق، ٢٠١٣، ص ١٩.
٢- جاسم، شاكر مبدر، نظم التوجيه المهني والإرشاد التربوي المقارن، دار الكتب والوثائق- بغداد، ١٩٩٠، ص ٢٠٠.
٣- مورتسن، التوجيه في المدرسة، ترجمة، إبراهيم حافظ، وآخرون، دار النهضة العربية، القاهرة، ١٩٦٥، ص ٥٩.
٤- الخطيب، صالح أحمد، الإرشاد النفسي في المدرسة، أسسه - نظرياته - تطبيقاته، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، جامعة الموصل، ٢٠٠٦، ص ٥١-٥٣.
٥- الخطيب، صالح أحمد، مرجع سابق، ٢٠٠٦، ص ٥٣.
٦- الحياني، محمود ندا، الإرشاد التربوي والنفسي، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، شارع ابن الأثير- الموصل، ١٩٨٩، ص ٥٩.
٧- الطبراني، ١-٢٧٥.
٨- الداهري، أحمد صالح حسن، مبادئ الإرشاد النفسي والتربوي، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر- بغداد، ١٩٩٨، ص ٦٥-٦٨.
٩- الخطيب، صالح أحمد، مرجع سابق، ٢٠٠٦، ص ٥٥.