المدرسة الدادائية: مفهومها، تقنياتها، مبادئها، أهم فنانيها
ما هي المدرسة الدادية؟ المدرسة الدادائية جاءت كرد فعل لكل ويلات الحرب العالمية الأولى وأحزانها ومآسيها، وما نتج من دمار وخراب، فقد خرج الشباب بتجربتهم المريرة إلى حالة من اللامبالاة معبرين عن حالة الفوضى والعبث باعتقادهم أنه لا معنى لأي شيء، وإنما المعنى في الفن ذاته. (١)
والدادائية كانت مظهرا للفوضى الضاربة في تلك اللحظات الحرجة فـي تأريخ العالم، وشكلاً من أشكال الاستخفاف والازدراء بالمبادئ التقليدية وبالثقافة النمطية، وكانت بمثابة رد فعل لمذهب التجريد الصارم، تبنت هذه الحركة جماعة من الأدباء وفناني أوروبا الذين تلتبسهم العبث واللامبالاة وتدفعهم روح العدمية والرغبة في سد الفراغ، إذ رسموا الأشكال التي لا تعني شيئا. (٢)
تميزت الدادائية عن غيرها من الحركات الفنية والأدبية التي سبقتها بمحاولة التخلص من السياقات العقلية المعتادة والتخلص من كل ما يعرقل الحرفية ويكبح جموح التلقائية في التعبير والإبداع الفني. (٣)
لقد اعتقد الدادائيون أنهم يستطيعون عن طريق رفض أشكال الفن ومواده التقليدية البطش بالمجتمع البرجوازي المسؤول عن الحرب العالمية الأولى، ومن أجل الإساءة إلى الطبقة البرجوازية قامت بتأليف لوحات من أشياء عادية ومقرفة كصناديق القناني وفضلات الطعام وأكوام القمامة فضلاً عن المباول .. إلى غير ذلك. (٤)
لقد أعلن الدادائيون أقصى حدود رفضهم لجميع القيم السائدة في الفن، وأخذوا يبحثون عـن نفايات وبقايا الأشياء المستهلكة لكي يعملوا منها عملاً فنيا حديثا . (٥)
فوجد الدادائيون من خلال الأعمال الجاهزة أو عن طريق الصدفة أو اللاوعي أو العقل الباطن قانونا أساسيا للحياة، وعدت قانون الصدفة متحكما بالقوانين الأخرى، وتكون الصدفة الموقف الواعي لكل الأمور، ومن هذه التجربة انطلق الفنان الدادائي في موقفه من الفن، فالحياة عبارة عن مزيج عفوي غير منتظم من أصوات وألوان وإيقاعات (روحية). (٦)
تقنيات المدرسة الدادائية
وقد استعمل الدادائيون عدة تقنيات منها:
- الكولاج: وهي طريقة قص ولصق بعض القطع على اللوحة مثل: الخرائط وتذاكر النقل بغية تصوير جوانب الحياة.
- فوتومونتاج: هي قص ولصق الصور التي تم التقاطها بوساطة وسائل الأعلام وإعادة تجميعها بطريقة جديدة.
- التجميع: هي طريقة تجمع قطع ثلاثية الأبعاد مع بعضها لتخرج بشكل جديد يدل على الحرب وما خلفته.
- العمل الجاهز والعمل الذي صنع عن طريق الصدفة وفيها يتم اختيار عمل جاهز وإعادة تسمية التوقيع عليه من اجل أن يرمز لفكرة معينة أو اخذ عمل صنع صدفة بتأثير العوامل الطبيعية، فيعرض كما هو من غير تعديل عليه، ومن أمثلة ذلك العمل الجاهز (النافورة) للفنان مارسيل دوشامب، إذ وقع أسمه عليها. (٧)
وتعد الدادائية عبارة عن رفض لكل القيم المعاصرة لها والمعتقدات الخلفية السائدة آنذاك وهي جانب مما كان يبذل لمواجهة الخراب الذي أحدثته الحرب للقيم الإنسانية وجعل الفن نفسه يشايع هذا الاتجاه بأن يكون مجافيا بالفعل. (٨)
مبادئ المدرسة الدادائية
إن للمدرسة الدادائية عدة مبادئ يمكن تلخيصها بما يأتي:
- تقسم أعمالها بالركاكة وقلة الذوق.
- هدم وتدمير كل ما هو جميل.
- استعملت آلات وأدوات منزلية ليس لها معنى. (٩)
- أدخلت فكرة العمل الجاهز.
- حاربت الفن الكلاسيكي وفنون الأكاديميات.
- مهدت للحركة السريالية. (١٠)
من أشهر فناني المدرسة الدادائية؟ من أشهر فناني المدرسة الدادائية هم: مارسيل دوشامب، هانز آرب، ماكس أرنست.
ويمكن القول أن المدرسة الدادائية أخذت موقفا سلبيا من الفن وقوانينه، إذ قلبت الموازين وعدت حركة هدامة لم تراع التقاليد والأخلاق والقيم السائدة في المجتمع، وابتذلت كل ما هو جميل مستمدة أفكارها في ذلك من فلسفة (نيتشه) العدمية، فضلاً - عن أنها لم تبن صرحا قويا لأفكارها فانتشرت بسرعة في أرجاء أوروبا وانهارت بسرعة.(١١)
اقرأ أيضا:
قائمة المراجع:
١- بهنسي، عفيفي، تاريخ الفن والعمارة الفن الكلاسيكي المحدث، مديرية الكتب الجامعية، دمشق، ١٩٨٣، ص ٦٤٢.
٢- الحاتمي، آلا علي، الأبعاد المفاهيمية والجمالية للدادائية وانعكاساتها في فن ما بعد الحداثة، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الفنون الجميلة، جامعة بابل، ٢٠٠٧، ص ٦٢.
٣- نيوماير، سارة، قصة الفن الحديث، ترجمة: رمسيس يونان، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، ١٩٦٠، ص ١٨٢.
٤- امهز، التيارات الفنية المعاصرة، ط١، شركة المطبوعات للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ١٩٩٦، ص ١٥٦-١٦٠.
٥- الخطيب، عبد الله، الإدراك العقلي للفنون التشكيلية، ط٢، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ١٩٩٨، ص ١١٠.
٦- الشوك، علي (ب.ت)، الدادائية بين الأمس واليوم، وزارة الثقافة والإعلام العراقية، العراق، ص ٦٤،٦٣.
٧- أبو حجلة، ليلى فؤاد، تاريخ الفن والنشوء والتطور، ط١، دار المجتمع العربي، عمان، ٢٠١١، ص ٢٨٨.
٨- البسيوني، محمود، الفن في تربية الوجدان، دار المعارف، ١٩٨١، ص ١٢٩.
٩- أبو دبسة، فداء، غيث، تاريخ الفن عبر العصور، ط١، مكتبة المجتمع العربي، عمان، ٢٠٠٩، ص ٢٤٤.
١٠- الحاتمي، آلا علي، ٢٠٠٧، مرجع سابق، ص ٦٦.
١١- رغد سلمان خليل الحيالي، أثر التعلم المتحفي الإلكتروني في تحصيل طلبة كلية الفنون الجميلة في مادة تاريخ الفن، رسالة ماجستير، كلية التربية الأساسية، جامعة ديالى، ٢٠١٤، ص ٦٠.
