بحث جاهز حول التضخم
مفهوم التضخم-Inflation: يعد التضخم احد المشاكل التي تعاني منه الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء، ولاختلاف آراء الاقتصاديين حول مسببات التضخم والآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنه، نجم عنه عدم اتفاق في تحديد تعريف متفق عليه، وعلى الرغم من هذا الاختلاف إلا أن هناك اتفاقا على أن التضخم، وكما يرى جوهنسون Johansson أنه (الارتفاع المتزايد والمستمر في المستوى العام للأسعار) (١) ويستخدم هذا الاصطلاح في وصف عدد من الحالات المختلفة مثل(٢):
أ- الإرتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار.
ب- إرتفاع الدخول النقدية او أي عنصر من عناصر الدخل.
ج- إرتفاع مستوى التكاليف.
د- الإفراط في خلق الأرصدة النقدية.
وليس من الضروري أن تتحرك هذه الظواهر المختلفة في اتجاه واحد بمعنى أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في الأسعار دون أن يصاحبه ارتفاع في الدخل النقدي، كما أن من الممكن أن يحدث ارتفاع في التكاليف دون أن يصاحبه ارتفاع في الأرباح، ومن المحتمل أن يحدث إفراط في خلق النقود دون حدوث ارتفاع في الأسعار، وبعبارة أخرى فإن الظواهر المختلفة التي يمكن أن يطلق على كل منها ( تضخم ) هي ظواهر مستقلة عن بعضها البعض، وهذا الاستقلال يخلق الإرباك في تحديد مفهوم التضخم, ويرتبط اصطلاح التضخم بالظاهرة التي يطلق عليها وبذلك تكون لدينا مجموعة من الاصطلاحات وهي كالآتي(٣):-
ا- تضخم الأسعار: أي الإرتفاع المستمر في الأسعار.
ب- تضخم الدخل: أي ارتفاع الدخول النقدية مثل تضخم الأجور والأرباح.
ت- التضخم النقدي: أي الإفراط في خلق الارصدة النقدية.
ج- تضخم التكاليف: أي ارتفاع التكاليف.
هـ- تضخم الائتمان المصرفي: أي الإفراط في حجم الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص لتمويل النفقات الاستثمارية أو للقطاع الحكومي لتمويل عجز الموازنة الحكومية.
كما يظهر التضخم عندما يحدث هناك اختلال في التوازن الاقتصادي يتمثل بزيادة الطلب الكلي ( الإنفاق النقدي الكلي ) على العرض الكلي من السلع والخدمات فترتفع مستويات الأسعار بشكل مستمر، وهنالك من يرجع التضخم الى اضطراب قوى الإنتاج وعدم كفايتها في الوفاء بحاجات الأفراد أي لا يوجد هنالك توازن بين الإنتاج والاستهلاك والادخار والاستثمار ونتيجة لضغط القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد القومي مما تؤدي هذه الاختلالات الى ارتفاع الأجور وأثمان العوامل الإنتاجية وسائر تكاليف الإنتاج يليه ارتفاع متتال في الأسعار(٤) ويمكن تعريف التضخم في ضوء مسبباته(٥).
فمثلاً يرى Hackett أن التضخم هو اختلال بين التدفقات النقدية والتدفقات الحقيقية الجزئية. أو انه " مطاردة كمية كبيرة من النقود لكمية أقل من السلع والخدمات "(٦) وهذا التعريف يدل على أنه لا يوجد هنالك تساوٍ بين الإنفاق النقدي أي الدخول النقدية من جهة والعرض الحقيقي للسلع والخدمات من جهة أخرى، وهذا الاختلال في التوازن بين الجانبين سيؤدي الى ارتفاع الأسعار وهبوط متواصل في قيمة العملة وانخفاض القوة الشرائية لها في السوق. ويعرف ملتون فريدمان التضخم "بأنه عبارة عن الارتفاع المستمر في الأسعار وأن المحدد النهائي لمستوى الأسعار هو عبارة عن رصيد النقود"(٧) ويؤكد على أن التضخم ظاهرة نقدية بحته وبالمثل يرجع باش(F.w.paish ) التضخم إلى انه ظاهرة نقدية ايضا لكن يرجع هذه الظاهرة الى الزيادة في الدخول النقدية بدلاً من ارتفاع الأسعار(٨).
وقد ذهب انزنك (Einzig ) في تعريف التضخم بأنه حالة من الاختلال التي يكون فيها التوسع في القوى الشرائية إنما تكون سببا أو نتيجة لارتفاع مستوى الاسعار، ويتفق الباحث مع اغلب الباحثين الاقتصاديين الذين اختاروا التعريف الأول الذي ذكرناه (أن التضخم عبارة عن الارتفاع المتزايد والمستمر في المستوى العام للأسعار) الذي يعني أن هنالك انخفاضاً في القوى الشرائية(٩)، بحيث تصبح كتلة نقدية كبيرة تطارد سلعاً قليلة يحدث هنالك ارتفاع في الأسعار، بتعبير آخر حدوث فائض في الطلب النقدي أكبر من العرض السلعي. والذي يجب ان يشار اليه ان هنالك انتقادات تواجه التعريف الشائع للتضخم تتعلق في كون ارتفاع الاسعار قد لا يكون تضخمياً بل قد يكون راجعاً الى حدوث انخفاض طارئ في العرض الكلي كما يحدث في البلدان التي يعتمد اقتصادها على الزراعة لتعرضها لظروف قحط في مواسم متعددة وأن الارتفاع المتتالي في الأسعار عند هذه الحالة لا يعد من قبيل التضخم بل هو نتيجة لديناميكية جهاز الثمن الذي يعمل على تحقيق التوازن بين العرض المتناقص والطلب كما انه محدد بالظروف التي سببته ولابد أن يزول بزوالها (١٠).
أما كينز فقد انطلق في تحليله للتضخم من العوامل التي تحكم مستوى الدخل القومي النقدي وخاصة ما يتعلق بالميل للاستهلاك وسعر الفائدة والكفاءة الحدية لرأس المال,و توصل كينز إلى أن التضخم هو زيادة في حجم الطلب الكلي على حجم العرض الحقيقي زيادة محسوسة ومستمرة مما تؤدي الى حدوث سلسلة من الارتفاعات المستمرة في المستوى العام للأسعار، وبعبارة أخرى تتبلور ماهية التضخم في وجود فائض في الطلب على السلع يفوق المقدرة الحالية للطاقة الإنتاجية شريطة وصول الاقتصاد إلى حالة الاستخدام الكامل عندها تؤدي الى ارتفاع الأسعار دون تغيير في حجم العملية الإنتاجية (١١)لذلك أي زيادة في الطلب الفعال تعد عن نفسها بحدوث زيادة في الأسعار فاذا ازداد المعروض النقدي من قبل البنوك المركزية والتجارية وفق سياسات نقدية معتمده فان ذلك يؤدي الى انخفاض أسعار الفائدة وزيادة الاستثمار ويزداد مستوى التشغيل ويرتفع مستوى الأسعار، وتوضح النظرية الكينزية أن الزيادة في الطلب الفعلي نتيجة زيادة كمية النقود وانخفاض أسعار الفائدة تسبق الزيادة في الإنتاج نتيجة النشاط الاستثماري الجديد وهذا هو السبب الذي يؤدي الى ارتفاع الأسعار وحدوث ظاهرة التضخم ولكن هناك تساؤل هو "هل يؤدي الاستخدام الكامل للموارد الاقتصادية والمستوى المرتفع من التشغيل الى حدوث التضخم " وكانت الاجابة عند ملاحظة تطورات الأسعار والاستخدام في الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية نجد انها تظهر نسبة من البطالة تقترب من 4% حيث كان هنالك معدل مرتفع للأسعار وان الزيادة هذه عند حدها الأقصى عندما كانت البطالة في أدنى نسبة لها، لذلك كانت هنالك استنتاجات لدى بعض الاقتصاديين واستنادا الى الأرقام السابقة ان اقتصاد الولايات المتحدة لا يمكن ان يحقق استقرار في مستويات الاسعار والإستخدام في آن واحد (١٢).
اقرأ أيضا: بحوث أقتصادية
أنواع التضخم
هنالك عدة أنواع للتضخم يمكن حصرها بالاتي:-
١- التضخم الأصيل
ويحدث هذا التضخم عندما لا تقابل الزيادة في الطلب الكلي أي زيادة في الإنتاج مما ينعكس في صورة زيادة في الأسعار ينعكس في ارتفاع المستوى العام للأسعار (١٣).
٢- التضخم الزاحف: Creeping Inflation
ويتصف هذا النوع من التضخم في ارتفاع بطيء في الأسعار حتى خلال المراحل التي يكون فيها الطلب الكلي معتدلاً، ويعد من أخف أنواع التضخم، ويرى بعض الاقتصاديين انه ليس ضاراً بالاقتصاد القومي بل مفيد في بعض الأحيان حيث يدعو البعض منهم الى التضخم الزاحف حتى يمكن تحريك الاقتصاد القومي وإبعاده عن حالة الجمود ( Stagnation ) ومنهم من ينظر الى هذا التضخم بانه ظاهرة خطيرة ويجب ان يقتل في المهد، ويرى كينت (Kent ) ان ارتفاع الأسعار بمعدل لايزيد عن 3% سنوياً يعد ذلك تضخماً زاحفاً ولا يؤدي الى اختلال التوازن الاقتصادي (١٤).
٣- التضخم المكبوت: Repressed
وهو التضخم الذي لا يظهر على البيانات الرسمية للاسعار وإنما يظهر بصورة ضمنية خلال نشاط السوق السوداء وكذلك يظهر نتيجة للتدخل الحكومي والرقابة على الاسعار وإتباع سياسات التقنين ونظام البطاقات وترشيد الاستهلاك والسيطرة على الأسعار.
٤- التضخم الجامح: Inflation Hyper
وهو الحالة التي تتزايد فيها الأسعار بمعدلات سريعة ومرتفعة خلال مدة زمنية معينة، ويعد هذا التضخم من أخطر أنواعه وأشدها فتكاً في الاقتصاد والمجتمع وفيه تتدهور قيمة العملة وتزداد سرعة تداول النقود وتفقد العملة أهم وظائفها كمستودع للقيمة ويصاب الناس بالذعر وفقدان الثقة ليس بالعملة وحدها وإنما في الاقتصاد بأكمله ويحدث هذا النوع من التضخم خلال الأزمات الاقتصادية والحروب والكوارث كما حدث في ألمانيا عامي 1921 و 1923 بعد الحرب العالمية الأولى(١٥).
٥- التضخم المستورد: Imported Inflation:
عندما يكون اقتصاد الدولة معتمدا بشكل كبير على السلع والخدمات المستوردة فإنه يكون عرضة للإصابة بالتضخم المستورد، وذلك عندما تكون الدولة المصدرة تعاني أصلا من التضخم لأي سبب كان فإن هذا التضخم ينتقل الى الاقتصاد المحلي مما يؤثر بشكل واضح على ذوي الدخول المحدودة فيطالبون بزيادة الأجور والمرتبات وقد ينتقل التضخم من الدولة الأخرى الى الاقتصاد المحلي عندما يزداد الطلب على البدائل المحلية فترتفع أسعارها نتيجة لزيادة الطلب على عوامل الإنتاج الداخلة في إنتاج هذه السلع، وسينتقل هذا الارتفاع في الأسعار الى بقية السلع والخدمات مما يؤدي الى حصول تضخم مستورد، أي عندما ترتفع أسعار السلع المستوردة لأي سبب كان فإن ذلك ينسحب على زيادة الطلب على السلع المحلية مما يؤدي الى ارتفاع أسعارها(١٦)، وهنالك آراء أخرى في تفسير هذا النوع من التضخم( المستورد ) تتعلق في زيادة التكاليف الإنتاجية تنعكس بصورة الية في ارتفاع الأسعار ولاسيما عند زيادة أسعار المواد الأولية وسلع الاستهلاك المستوردة والمواد النصف مصنعة.
٦- التضخم الدوري: Cyclical Inflation
ويرتبط هذا النوع من التضخم بالتقلبات الاقتصادية التي تتعلق بالطلب الكلي أو العرض الكلي والتي تنعكس تأثيراتها على ارتفاع المستوى العام للأسعار كلما قارب الاقتصاد من حالة الاستخدام الكامل(١٧).
مصادر التضخم
عند العودة إلى تاريخ الفكر الاقتصادي في مجال الكشف عن أسباب التضخم نجد أن غالبية الاقتصاديين يركزون على نوعين من مصادر التضخم وهما كالاتي:
ا- التضخم الناشئ عن الطلب: Demand Pull Inflation
ينشأ هذا التضخم عندما يتزايد الطلب الكلي للسلع والخدمات على العرض الكلي، أي يفوق إجمالي الطلب سواء في سوق السلع والخدمات أو في سوق عوامل الإنتاج على إجمالي العرض الكلي وهذا بدوره يؤدي الى خلق فائض في الطلب الكلي مما ينعكس في صورة تزايد في مستوى الأسعار وهناك عوامل عديدة يعود إليها هذا الفائض منها(١٨).
أ- الإفراط في الإنفاق الحكومي الاستهلاكي والاستثماري.
ب- إرتفاع حجم النفقات الاستهلاكية.
ج- الزيادة في حجم القروض الممنوحة للقطاع الخاص لتمويل النفقات الاستثمارية او للقطاع العام لتمويل عجز الموازنة.
د- الزيادة في عرض النقد(١٩).
ه- الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي (GDP) في العالم.
وتنظر النظرية الكلاسيكية الى أن الزيادة في الأسعار وحسب نظرية كمية النقود تنشأ من زيادة عرض النقد وذلك لوجود علاقة تناسبية بينهما، والتي بدورها تحفز الطلب الكلي ومن ثم زيادة الطلب على سلع الاستهلاك والاستثمار، أما الرأي الكينزي في التضخم الناشئ عن الطلب انه ناتج عن التحولات (Shifts ) في دوال الاستثمار والاستهلاك والإنفاق الحكومي وحتى ان لم يكن هنالك زيادة في المعروض النقدي(٢٠) وهذا يعني ان كينز قرر أن العالم قد يتعرض إلى ظاهرة التضخم حتى ولو كان هنالك ثبات في المعروض النقدي وبالتالي فقد قطع العلاقة القوية بين كمية النقود ومستوى الطلب الكلي( ٢١).
ب- التضخم بدفع التكلفة: Cost pull- Inflation
ويسمى تضخم العرض لأنه مرتبط بتكاليف الإنتاج وينشأ هذا التضخم نتيجة لمحاولة نقابات العمال وبعض المنتجين إلى رفع أسعار منتجاتهم سعيا منهم لتحقيق اجر اكبر او أرباح أكثر مما قادا الى ارتفاع مستوى التكاليف(٢٢) والمقصود هنا بالتكاليف هي تكلفة الإنتاج وبالتحديد تكلفة عنصر العمل ( أجور ورواتب العمال ) حيث تؤدي مطالبة العمال بزيادة أجورهم ورواتبهم باستمرار الى ارتفاع تكلفة الإنتاج والتي تنعكس في ارتفاع مستمر في أسعار السلع والخدمات المنتجة (٢٣)، ويمكن أن يكون هذا التضخم ناتجاً عن عوامل غير النفقات الاجرية أي يعود إلى أسباب أخرى مثل ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع السلع المستوردة التي تستخدم كمستلزمات إنتاج بعض السلع وهذا الارتفاع يؤدي الى حصول تزايد في المستوى العام للأسعار دون أن يكون هنالك زيادة في الطلب على السلع والخدمات، ويؤدي هذا النوع من التضخم الى انخفاض في الدخل الحقيقي على عكس التضخم من جانب الطلب ويعتقد أنصار تضخم التكلفة بان الزيادة في مستوى الأجر النقدي الناجمة عن التغير في مستويات الاستخدام او عن عوامل خارجية، ( مطالبة النقابات بزيادة الأجور ) ذات تأثير محسوس على مستوى الأسعار(٢٤) ويرى آخرون التضخم بدفع التكلفة Cost Pull Inflation تعود الى التصرفات الاقتصادية لبعض الجماعات مثل اتحادات العمال والنقابات حيث يحدث هذا النوع من التضخم بسبب المساومة القوية لهذه النقابات من اجل زيادة الأجور النقدية بسرعة اكبر من الزيادة التقليدية في الأحوال الطبيعية، وربما ينشأ بسبب الممارسات الاحتكارية للمديرين الذين يرفعون الأسعار حتى في غياب الزيادة في الطلب او ارتفاع النفقات (٢٥) وقد يحدث التضخم من ناحية التكاليف بسبب زيادة التكاليف الحدية للانتاج، حيث يحدث عند زيادة الدخول وخاصة معدلات الأجور بنسبة اكبر من الدخول النقدية حيث يؤدي ذلك الى ارتفاع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة التي تدفع العمال الى المطالبة بزيادة الأجور والتي بدورها ترفع من معدل التكاليف والتي يعوضها المنتج عن طريق الاسهام في رفع أسعار السلع والخدمات (٢٦).
الآثار الاقتصادية للتضخم
التضخم ظاهرة نقدية لها من الآثار الاقتصادية والاجتماعية ما يتجاوز خاصيته النقدية فهو يرتب نتائج متغايرة تنعكس على النشاط الاقتصادي والاجتماعي ومتغيراته الكلية.
أ- أثر التضخم على إعادة توزيع الدخل
يتعرض أصحاب الدخل المحدود لأكثر الآثار السلبية للتضخم وذلك بسبب انخفاض الدخل الحقيقي الذي يحصلون عليه نتيجة لارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للوحدة النقدية وتسارع العملية التضخمية مما يدفع العمال من ذوي الدخل المحدود إلى المطالبة بزيادة أجورهم النقدية لتعويض الارتفاع الحاصل في الأسعار والزيادة في تكاليف المعيشة وإذا حصل العمال على الزيادة فإن ذلك سوف يؤدي الى ارتفاع التكاليف المتغيرة للإنتاج وسوف يقوم المنظمين بزيادة الأسعار من جديد، لذلك يرى الاقتصاديون أن التضخم يؤدي الى إعادة توزيع الدخل الحقيقي من الأفراد الذين زادت معدلات دخولهم بمعدلات أقل من معدلات ارتفاع الأسعار الى الأفراد الذين ارتفعت مستويات دخولهم النقدية بمعدل اكبر أي التضخم يعيد توزيع الدخل لصالح الطبقات الغنية غير المتضررة من جراء ارتفاع الأسعار(٢٧) .
ب- أثر التضخم على هيكل الإنتاج
التضخم وما يواكبه في ارتفاع مستويات الأجور والأرباح والأسعار من التأثير على حقل الإنتاج وخاصة في القطاعات الإنتاجية المخصصة للاستهلاك، وتحريك رؤوس الأموال والعمالة باتجاهها على حساب الأنشطة الإنتاجية والاستثمارية والتي تعد أساساً مهماً لتحقيق النمو الاقتصادي.
ج- أثر التضخم على ميزان المدفوعات
يمارس التضخم تاثيرا ضارا على وضع ميزان المدفوعات إذ أن زيادة الدخول التي تتولد أثناء فترة التضخم يؤدي إلى زيادة الاستيراد إذا كان الإنتاج المحلي لايواكب الزيادة في الدخول، ويزداد التأثير عندما تكون مرونة الطلب السعرية على الاستيرادات مرتفعة، إضافة إلى أن في فترات التضخم تكون السلع المحلية ذات أسعار أعلى من مثيلاتها في الخارج مما يؤدي إلى تفضيل السلع الاجنبية محل المحلية كونها تملك ميزة سعرية وهذا يؤثر على وضع ميزان المدفوعات (٢٨) أي أن التضخم يمارس تأثيرا ضارا على ميزان المدفوعات، لأنه يعني قوة شرائية داخلية متزايدة لاتواجهها زيادة كافية في الإنتاج الداخلي، ومن ثم يزيد الميل الحدي للاستيراد وتقل مقدرة الاقتصاد على التصدير، وتهتز قيمة العملة الوطنية بالنسبة للعملة الأجنبية، فترتفع أسعار السلع الوطنية بالنسبة للسلع الاجنبية ويقل الميل الحدي للتصدير وبالتالي يتفاقم العجز في ميزان المدفوعات (٢٩).
د- آثار التضخم على الاستثمارات
يؤدي التضخم الى خلق شعور تشاؤمي لدى المستثمرين وعدم الثقة إزاء نتائج المشاريع الاقتصادية لصعوبة تقدير تكلفة إنشاء المشروعات في المستقبل والذي يترتب على ذلك صعوبة توظيف رؤوس الأموال في المشاريع التي تحتاج الى مدة استرداد طويلة، وهذا يعني التوجه نحو المشاريع التي تتميز بالربح السريع والمضمون بغض النظر عن مدى فائدتها على المجتمع ولابد من الإشارة أن هذا التغيير في سلوك المستثمرين له آثار غير صحية على كفاءة إستخدام الموارد الاقتصادية وحسن أداء الاقتصاد الوطني لأنه يشجع أنماطا من الاستثمار غير المنتج( المضاربة بالأسهم والسندات ).
ه- الآثار الاجتماعية للتضخم
إن الآثار الاجتماعية للتضخم تنعكس بالاضطراب بين الطبقات الاجتماعية بسبب سوء توزيع الموارد والدخول مما يولد المشاكل والخلافات بين أفراد المجتمع، كما أن الشيء نفسه ينشأ في اختلال العلاقة بين العمال وأصحاب العمل وينتشر الفساد الإداري والرشوة والمحسوبية (٣٠).ويمكن أن يكون للتضخم آثار ايجابية تتمثل في انتفاع فئة معينة حيث ينتفع أصحاب الأسهم نتيجة ارتفاع أسهمهم في ظل التضخم ويستفيد المدينون بسبب حصولهم على قوة شرائية أكبر و يسددون ديونهم بنقود ذات قوة شرائية أقل.
قائمة المراجع:
١- د. طاهر فاضل حسون، مصادر التضخم النقدي في العراق، أسبابه ومعالجته (1960 - 1975)، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 1978، ص 17.
٢- د. صبحي تادرس قريصة، د. مدحت محمد العقاد، النقود والبنوك والعلاقات الاقتصادية، الدولية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، 1983، ص 247.
٣- http://ar.Wikipedia.Org/wiki.
٤- د. رمزي زكي، علاقة التضخم بالتراكم الرأسمالي في البلدان الآخذة في النمو، مطبوعات معهد التخطيط القومي، 1966، ص 206.
٥- د. عوض فاضل إسماعيل الدليمي، النقود والبنوك، دار الحكمة للطباعة والنشر,الموصل، 1990، ص631.
٦- د. ناظم محمد نوري الشمري، النقود والمصارف، وزارة التعليم العالي، والبحث العلمي، جامعة الموصل 1988، ص 265.
٧- د. سامي خليل، النظريات والسياسات النقدية والمالية، شركة كاظمة للنشر والترجمة والتوزيع، ط1، الكويت، 1982، ص 584.
٨- Enzing p. Monetary Policy – Ends& Means London: oxford Wyman Publishing - 1964, p200.
٩- Michael Parkin, Melanie Powell.Kent Matthews,Economics , Addison , Wesley – First Printed 1997 ,P833.
١٠- د. أحمد رمضان نعمة الله، النظرية الاقتصادية الكلية، جامعة الإسكندرية، الدار الجامعية للنشر، 2001، ص 268.
١١- د. عبد المنعم السيد علي، اقتصاديات النقود والمصارف في النظم الرأسمالية والاشتراكية والأقطار النامية مع إشارة خاصة للعراق الجزء الأول، الجامعة المستنصرية، بغداد، 1984، ص416.
١٢- د. عبد الوهاب الأمين، د. زكريا عبد الحميد باشا، مبادئ الاقتصاد، الاقتصاد الكلي الجزء الثاني دار المعرفة للنشر، الكويت، 1983، ص 193- 194.
١٣- المصدر نفسه، ص 196.
١٤- د. سامي خليل، مصدر سابق من، ص621-622.
١٥- د. عبد الوهاب الأمين، د. زكريا عبد الحميد، مصدر سابق, ص 197.
١٦- عمار عبد الجبار، التضخم ودور السياسة المالية والاقتصادية، مجلة الإصلاح الاقتصادي، العدد الثالث تشرين الأول، 2006، ص 39.
١٧- د. عبد المنعم السيد علي، د. نزار سعد الدين العيسى، النقود والمصارف والأسواق المالية، دار حامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2004، ص 448.
١٨- عوض فاضل اسماعيل الدليمي,النقود والبنوك، مصدر سابق، ص639.
١٩- Michael Parkin, Melanie Powell.Kent Matthews,Economics Op.Cit. P834.
٢٠- د. عوض فاضل إسماعيل الدليمي، النقود والبنوك، مصدر سابق، ص 640.
٢١- ج. آكلي، الاقتصاد الكلي النظرية والسياسات، ترجمة د. عطية مهدي سلمان، مراجعة د. عبد المنعم السيد علي، الجامعة المستنصرية، بغداد 1980، ص 666.
٢٢- د. عبد المنعم السيد علي، اقتصاديات النقود والمصارف، مصدر سابق ص 421.
٢٣- Stephen L. Slavin، Economics، Sixth Edition، McGraw- Hill، New York City ,2002, P268.
٢٤- د. خزعل الحاسم، التضخم اسبابه وعلاجاته، مجلة البحوث الاقتصادية والادارية، العدد الثاني، كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد، 1980، ص 15.
٢٥- مايكل ابد جمان، الاقتصاد الكلي، النظرية والسياسة ترجمة وتعريب محمد ابراهيم منصور، دار المريخ للنشر، الرياض، السعودية ، 1999، ص 379.
٢٦- د. سامي خليل، النظريات والسياسات النقدية والمالية، مصدر سابق، ص 623.
٢٧- انظر في ذلك
د. عبد الوهاب الامين، د. زكريا عبد الحميد، مصدر سابق، ص 200.
د. صبحي تادرس قريصة، النقود والبنوك مصدر سابق ص 296.
٢٨- د. مصطفى رشدي شيحة، الموجز في الاقتصاد النقدي والمصرفي والبورصات ،دار الجامعة للنشر، الإسكندرية، 1987، ص 352.
٢٩- د. مصطفى رشدي شيحة، الاقتصاد النقدي والمصرفي، الدار الجامعية للنشر، الاسكندرية، 1985، ص 618.
٣٠- د. عوض فاضل اسماعيل الدليمي، النقود والبنوك، مصدر سابق، ص 685.
*- المرجع الرئيسي: دور السياسات المالية والنقدية في معالجة التضخم الركودي الولايات المتحدة - العراق - دراسة حالة للمدة 1970-2008، أطروحة تقدم بها رجاء خضير عبود موسى الربيعي إلى مجلس كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الكوفة وهي جزء من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في العلوم الاقتصادية، ٢٠١٠.