مشكلة البحث العلمي - تعريفها - تفاصيلها بالكامل
السؤال الذي يطرح نفسه هنا وبإلحاح هو ماذا نقصد بمشكلة الدراسة؟، وما دلالة استخدام مصطلح "مشكلة" دون غيره؟، وما أهمية وضرورة تحديد مشكلة الدراسة؟، ولماذا تنطلق البحوث العلمية دائما من مشكلة محددة؟ وللإجابة على كل هذه التساؤلات نؤكد أولا على أن خطوة تحديد مشكلة الدراسة تعد من أولى الخطوات في البحث العلمي، حيث لا يمكن إجراء أي بحث علمي دون تحديد مسبق ودقيق للمشكلة البحثية، وهو أمرا يبدأ من احساس الباحث بوجود غموض يكتنف قضية أو موضوع ما، مع وجود رغبة لديه في فك ذلك الغموض .
وقد يقضي الباحث وقت طويلا في تلمس مشكلته البحثية، حتى يستطيع رصدها وتحديدها بصورة دقيقة، مستندا في ذلك على القراءة العميقة في الحقل العلمي الذي يبحث فيه، وعلى التحاور مع زملائه من الباحثين والاستماع إلى آرائهم ووجهات نظرهم قبل ان يصيغ مشكلته البحثية في صورتها النهائية .
وتعرف مشكلة البحث بانها " موضوع أو مسألة يحيط بها الغموض، أو موقف او ظاهرة تحتاج إلى تفسير أو تحليل، أو قضية تكون موضع خلاف، بحيث يمكن استخدام وتطبيق المنهج العلمي عند دراستها"(١)، كما ان المشكلة هي "المجال الموضوعي أو القضية التي يتناولها البحث بالدراسة والتفحص من أجل اكتشاف جوانبها، وتوظيف مختلف ابعادها، أو التعرف على مختلف مسبباتها وطبيعة تداخل وعلاقات عناصرها(٢)، ويرى عبدالباسط محمد حسن بان المشكلة البحثية هي "موضوع يحيط به الغموض، أو ظاهرة تحتاج إلى تفسير، أو قضية موضع خلاف"، ويعرف محمد عبدالحميد المشكلة البحثية بانها " موقف أو قضية أو فكرة أو مفهوم يحتاج إلى الدراسة العلمية، للوقوف على مقدماتها، وبناء العلاقات بين عناصرها ونتائجها الحالية واعادة صياغتها من خلال نتائج الدراسة ووضعها في الإطار العلمي السليم"(٣)
وقد تتمثل المشكلة البحثية في غموض يكتنف موضوع معين، أو ندرة في المعرفة بهذا الموضوع، أو تناقض التوجهات والآراء بشأنه، أو غياب التفسيرات والأسباب المقنعة، وقد تتمثل المشكلة في مظاهر فشل أو اخفاق تتطلب الدراسة والتقصي، كما قد تتمثل المشكلة في نجاح ملموس مع غياب بلورة واضحة لمقوماته وأسبابه للحفاظ عليه والاستفادة منه، أو وجود ممارسات أو واقع معين يقتضي التقييم وتشخيص هذه الممارسات أو هذا الواقع.(٤)
فالمشكلة اذا هي حالة غموض تحيط بظاهرة ما تقع في نطاق تخصص واهتمام الباحث، فيدفعه حسه البحثي إلى رصدها وتحديد معالمها وابعادها في محاولة لدراستها وفك ما يحيط بها من غموض، وهو ما يعني بأن مشكلة الدراسة هي السؤال البحثي الأساسي الذي يسعى الباحث للإجابة عليه من خلال القيام ببحثه، وبالإجابة على هذا السؤال يكون قد حقق الهدف من البحث، وبالتالي فإن نجاح البحث يتوقف إلى درجة كبيرة على قدرة الباحث على الاجابة على السؤال أو الأسئلة التي تتضمنها مشكلة البحث، وهي الأسئلة التي يتم التعبير عليها في مرحلة لاحقة بصورة أكثر تفصيلا من خلال تساؤلات البحث او فرضياته، أو هما معا .
والمشكلة بناء على ما تقدم هي "أساس عملية البحث العلمي، فالبحث الذي يبدأ من فراغ لا ينتهي إلا إلى فراغ، ولهذا فإن السمة الرئيسية التي تميز البحوث العلمية هي أن تكون هناك مشكلة محددة"(٥).
وتتحدد اصالة البحث العلمي بناء على المشكلات التي تثيرها، والموضوعات التي يتناولها والمجالات التي يمتد إليها، كذلك مدى قيمة هذه المشكلة بالنسبة للمجتمع، وبالنسبة لغيرها من مشكلات العلوم الأخرى، ومدى اهتمام الأخرين بها(٦)، وتمثل مشكلة الدراسة نقطة التحول الأولى في الانتقال من الوضع التصوري إلى العملي، أو من الفكرة إلى الواقعة، وتعد صياغة المشكلة صياغة دقيقة وصحيحة وواضحة الخطوة الأهم من خطوات البحث العلمي، فإنجازها بالشكل المأمول يكشف بذاته عن الجزء الأكبر من الافتراضات والحلول المتعلقة بذلك (٧).
وفي حقيقة الأمر فإنه ومن الناحية المنطقية، ووفقا للتفكير العلمي السليم لا يمكن القيام بأي خطوة في البحث العلمي قبل التعرف على المشكلة واستيعابها وتحديدها تحديدا كاملا وواضحا ودقيقا، حيث يؤثر كل ذلك وبصورة كبيرة على كافة خطوات البحث اللاحقة، فبدون تحديد المشكلة لن يكون بمقدور الباحث أن يحدد أهدافه البحثية بدقة، وبالتالي لن يكون بإمكانه أن يضع تساؤلاته وفروضه، حيث تتدخل هذه الخطوة في تحديد مجتمع وعينة الدراسة، والمناهج والأدوات البحثية المناسبة، ونوع البيانات المطلوب جمعها، وغيرها من الخطوات والإجراءات المنهجية التي يسلكها الباحث في طريقه نحو حل مشكلته البحثية .
ولعل استخدام مصطلح المشكلة هنا واطلاقه على الموضوعات العلمية الجديرة بالبحث والدراسة، يعكس أهميتها، وضرورة الوصول إلى حل بشأنها، فالمشكلة تتعلق بموقف معقد وصعب وغامض، ويخلق لدى الباحث هما وقلقا بحثيا، يسيطر على تفكيره ووجوده، ويجعله يندفع نحو العمل على حله، فالموضوعات البحثية الجديرة بالدراسة هي مشكلات علمية حقيقية يقود البحث فيها إلى الاجابة على التساؤلات الغامضة المرتبطة بها، والتي تظل تنتظر من يفك غموضها من الباحثين الجديرين بذلك، فالمشكلات البحثية الملحة هي التي تحفز الباحث وتدفعه للبحث والدراسة، وهي التي تقوده للاختراعات والاكتشافات تحت ضغط ما يعترضه من مشكلات وتساؤلات لا تتوقف .
والباحث خلال رحلة تلمس مشكلته وتحسسها وتحديدها انما يسعى إلى معايشتها بكل احاسيسه، فهي تظل تسيطر على تفكيره ونقاشاته، حتى يتمكن من تحديدها وحصرها بالصورة والدرجة التي تتيح له دراستها وفق الأسلوب العلمي المتعارف عليه.
ويتجسد تحديد المشكلة العلمية للباحث في النقاط التالية :
- التعرف وبصورة كاملة على الموضوع الذي سيقوم بدراسته.
- الاحاطة الكاملة بكافة جوانب الموضوع الذي سيدرسه، ورصد حدوده الموضوعية، والمكانية، والزمانية .
- الصياغة الواضحة لمشكلة الدراسة بما يتيح للباحث سهولة دراستها والاجابة على كل التساؤلات التي تطرحها .
- وضوح الهدف من الدراسة، ومدى إمكانية تحقيقه.
ولابد أن يدرك الباحث أن التحديد الدقيق لمشكلته البحثية سوف يساعده كثيرا في تحديد بقية الخطوات العلمية، مثل تحديد أهداف الدراسة، وتبيان أهميتها العلمية، وصياغة فروضه وتساؤلاته بوضوح، وطبيعة المعلومات التي يتطلب جمعها، والمناهج والأدوات التي تمكنه من الحصول على تلك المعلومات، وغير ذلك مما يتطلبه البحث.
ويعكس ما قاله داروين DARWIN أهمية وصعوبة تحديد المشكلات البحثية، حيث يقول: " إنك لتعجب كم قضيت من الوقت لأتبين بوضوح نوع المشكلات التي تحتاج إلى بحث وتفسير، وإنني إذ اعود بذاكرتي إلى الوراء، بعد ان انجزت ابحاثي بنجاح، أرى أن تحديد المشكلات العلمية الصالحة للبحث أكثر صعوبة من دراستها وإيجاد الحلول لها"(٨)، وهو ما يؤكد على الجهد والعناية التي يجب أن يحيطها الباحث بهذه الخطوة، التي تحتاج إلى جد واجتهاد ومثابرة وصبر، وهي صفات يجب أن يتحلى بها الباحث الجاد، حتى يتمكن من وضع يده على المشكلات البحثية الجديرة بالبحث والدراسة.
ويترتب على عدم التحديد الدقيق للمشكلة البحثية بالنسبة للباحثين ما يلي :
- أن عدم التحديد الدقيق للمشكلة البحثية يفقد الباحث وقتا طويلا هو في امس الحاجة اليه .
- أن عدم التحديد الدقيق لمشكلة البحث يجعل الباحث غير قادر على فهم ما الذي سيدرسه بالضبط، وما هي حدود بحثه الموضوعية والمكانية والزمانية.
- أن عدم التحديد الدقيق لمشكلة البحث قد يجعل الباحث عاجزا عن تحديد أولويات البيانات والمعلومات التي يجب أن يتجه للبحث عنها.
- أن عدم التحديد الدقيق لمشكلة البحث يضع الباحث في حالة ارتباك، ويجعله عاجزا عن تحديد أهدافه البحثية.
- أن عدم التحديد الدقيق لمشكلة البحث قد يجعل الباحث يقوم بجمع معلومات يكتشف لاحقا أنه ليس في حاجة حقيقية إليها.
- أن عدم التحديد الدقيق لمشكلة البحث يجعل الباحث غير قادر على الوصول إلى حل للمشكلة، فهذه المرحلة (مرحلة تحديد المشكلة) هي اصعب كما يقال دائما من ايجاد حل للمشكلة ذاتها.
- إن عدم التحديد الدقيق لمشكلة البحث يجعل الباحث غير قادر على الانتقال إلى ما يليها من خطوات بحثية، مما يعني عجزه عن إنجاز بحثه بالصورة المطلوبة.
وتتفاوت قدرة الباحثين فيما يتعلق بمهاراتهم البحثية، وبالتالي فإن العثور على مشكلة جديرة بالدراسة وذات قيمة علمية هي عملية ليست متاحة لكل الباحثين، وبالتالي فإننا نلحظ دائما تفاوتا في أهمية ما يقدم من مشاريع بحثية بالنسبة لطلاب الدراسات العليا في الجامعات، ففي حين يفلح بعض الطلبة في تقديم أفكار بحثية جديدة ومبتكرة وجديرة بالبحث، نجد عددا أخر منهم يعجز عن ذلك، بل ويظل يتخبط إلى وقت طويل، غير قادر على تلمس موضوع متميز ويستحق الدراسة.
و للتحقق من وجود مشكلة بحثية للدراسة لابد من توفر شروط معينة، تتمثل في الآتي:(٩)
- أن يشعر الباحث أن هنالك مشكلة .
- أن يشعر الباحث أن هنالك بدائل مختلفة يمكن ترجيح بعضها على البعض الأخر.
- أن يشعر الباحث أن هنالك لكل بديل مزايا ونتائج متوقعة، ولكن لا تتوفر فرصة كاملة في أي بديل من هذه البدائل.
شروط اختيار المشكلات البحثية(١٠)
تتفاوت أهمية المشكلات والموضوعات البحثية الجديرة بالبحث والدراسة، وبالتالي فليس كل موضوع يصلح من الناحية العملية للبحث، فالأمر يظل متوقف على عدد من الشروط التي يجب على الباحثين مراعاتها عند الشروع في اختيار وتحديد مشكلة للبحث، حيث تتمثل تلك الشروط والعوامل التي يجب على الباحثين الالتفات إليها ومراعاتها في الآتي :
1 - الجدة أو الحداثة
من المهم جدا أن تكون المشكلة البحثية المطروحة للدراسة جديدة ولم يسبق دراستها، وان يكون بالإمكان الاستفادة من نتائجها في الواقع المعاش، وهو ما يتطلب أن يواكب البحث العلمي المستجدات الحياتية للمجتمع، ويعالج المشكلات التي تعترضه، ويرتبط بهمومه وقضاياه، ومعنى ذلك أن على الباحثين الجادين مراقبة ورصد كل ما يطرأ على المجتمع من أحداث لها تأثير عليه، ومن ثمة اخضاعها للبحث والدراسة، لذا فإن على المؤسسات البحثية كالجامعات والمراكز البحثية، أن تتولى تحديد أولويات المجتمع البحثية، بما يتلائم مع احتياجاته وتطلعاته، وهي مسؤولية لا تقل اهمية عن إجراء وتنفيذ البحوث العلمية، ذلك أن رصد وتحديد المشكلات البحثية الجديرة بالدراسة عملية تحتاج إلى جهد ذهني، وقدرة على تلمس المشكلات قد لا تتوفر لأي باحث، كما ان اختيار الباحثين وفقا لطبيعة كل موضوع أو مشكلة بحثية هي أيضا عملية على غاية من الأهمية، فالمراكز البحثية انطلاقا من خبرتها، هي الأكثر قدرة على تحديد ليس فقط المشكلات، ولكن أيضا من يكون بإمكانه دراسة تلك المشكلات والتوصل إلى الحلول الملائمة لها.
2 - الإضافة
إن أهمية أي بحث علمي هي فيما يضيفه للمعرفة الإنسانية، وما يقدمه من اكتشافات أو اختراعات جديدة، وما يساهم به من حلول للمشكلات العالقة، وبالتالي فإن البحث الذي لا يقدم معرفة جديدة يمكن توظيفها عمليا لا أهمية ولا ضرورة له، وللإضافة في البحث العلمي عدة أوجه، فهي من ناحية تعني عدم تكرار واجترار الموضوعات والمشكلات التي تم دراستها، كما تعني ايضا انجاز معارف جديدة ذات دلالة وقيمة، وهي كذلك أيضا مساهمة في ركب الحضارة الانسانية، وتذليل للصعاب، كما انها تتمثل في طرق قضايا ومجالات وحقول معرفية وعلمية لم يسبق دراستها، بما يساهم في تراكم علمي ومعرفي، فالعلم كما سبقت الاشارة هو عملية تراكمية يضيف لها كل باحث شيء جديد، ومع مرور الزمن يصير للمجتمع رصيد معرفي وعلمي يسهم في تطوره وتقدمه .
وبالتالي فإن على الباحث دائما وهو بصدد اختيار مشكلته البحثية أن يسأل نفسه ما الذي ستضيفه دراسته الحالية لمجتمعه وللمعرفة العلمية؟ وهل بالفعل هذه الإضافة حقيقية وذات فائدة، أم ان الأمر لا يعدو كونه مجرد جهد سوف لن يسفر علميا وعمليا في أية إضافة للمجتمع؟، وعلى الباحث ان يعي ان الإضافة المتوخاة قد تشمل أيضا أبعاد أخرى، فهي قد تكون إضافة للبحث العلمي عموما، أو اضافة للتخصص العلمي الذي يعمل فيه الباحث، وقد تكون إضافة للإنسانية ككل، أو إضافة لمجتمعه.
وعلى الباحث أن يدرك أن العمل البحثي ليس عمل ترفي، ولا هو مجرد فانتازيا فكرية، بل عليه ان يعي ان مجتمعه بأكمله يعول على مجهودات الباحثين في تقديم حلول حقيقية للمشكلات التي تعترضه، وبالتالي فإنه وبقدر ما تتركه نتائج البحث من آثار في تطور المعرفة العلمية في الحقل العلمي للباحث ، وبقدر مساهمتها في تطوير المجتمع تكون أهميتها وجدواها.
3 - الصلاحية
لا يكفي ان تكون المشكلة العلمية الخاضعة للدراسة جديدة بل يجب ان تكون كذلك صالحة للدراسة، بمعنى أن تكون واقعية، وخالية من الشطحات والخيال، فكثير من الباحثين خاصة المبتدئين قد يقعون في اختيار موضوعات إما أن تكون واسعة جدا وغير محددة، او تكون غامضة وغير واضحة المعالم .
ومن مظاهر عدم الصلاحية - مثلا – اختيار بعض الباحثين لموضوعات ذات عناوين رنانة ومثيرة، لكنها غير واقعية، أي أنها غير موجودة على أرض الواقع في المجتمع الذي ستجرى فيه، فأحيانا كثيرة قد يقع الباحث المبتدئ في فخ موضوعات وعناوين من هذا النوع، ومن خلال خبرتي في تدريس طلاب الدراسات العليا لاحظت ان العديد من الطلاب يقعون في هذا الخطأ، وينتهون إلى أن الموضوع غير قابل للدراسة، أو أن المشكلة التي ينوون دراستها غير موجود اصلا، فكيف مثلا يمكن دراسة موضوع ( دور العلاقات العامة في تحسين الصورة الذهنية لمؤسسة معينة) ثم يكتشف الباحث أن المنظمات التي اختارها لا توجد بها علاقات عامة من الأساس، أو (استخدام ممارسي العلاقات العامة للإنترنت في مؤسسة معين) ثم يتضح أن المؤسسات المستهدفة بالدراسة لا يوجد بها انترنت .
وقد تقدم لي ذات مرة أحد الطلاب بعنوان مقترح لرسالة ماجستير يبدو مثير، وهو (صورة المرأة في الإعلانات التجارية في الصحف الاسبوعية الليبية ، )وعندما طلبت من الطالب أن يحضر لي عينة من إعلانات تلك الصحف عاد بعد شهر خالي الوفاض، حيث لم يكن هناك استخدام للمرأة في إعلانات تلك الصحف، وتحول بالتالي يبحث عن موضوع جديد يصلح للدراسة .
وهنا اريد ان اؤكد ان بعض الموضوعات قد تكون جيدة وجديرة بالدراسة في مجتمعات معينة، لكنها في مجتمعات أخرى لا وجود لها، كموضوع الإعلانات سالف الذكر .
كما ترتبط عملية الصلاحية بقدرة الباحث على الابتعاد على الموضوعات الفضفاضة، والواسعة جدا، مثل: (دور الإعلام في التنمية)، فهذا الموضوع بهذا الشكل لا يصلح للدراسة في بحث علمي، فالإعلام مفهوم واسع جدا، والتنمية ايضا لها أبعادها المتعددة، كما أن قياس عملية الدور بهذا الوضع أمرا يستحيل علميا، فأي الوسائل سيقوم الباحث بدراستها؟، وأي أبعاد التنمية سيكون محل البحث والدراسة؟، واي جمهور سيدرس؟، ومن الممكن أن يصاغ العنوان مثلا بطريقة مختلفة كأن يكون مثلا: دور الصحافة النسائية في التنمية الصحية للمرأة العاملة – دراسة تحليلية – ميدانية، حيث بالإمكان جدا دراسة هذا الموضوع المحدد الأبعاد .
وترتبط الصلاحية أيضا بأدوات البحث والقياس المستخدمة في البحث، فلكل مشكلة بحثية طبيعتها التي تتطلب أدواتها الخاصة بها، فبحث – مثلا –يجرى على الأطفال في العاشرة من العمر يفضل فيه استخدام وسيلة المقابلة، كما أن بحوث الدور في الدراسات الإعلامية مثلا تتطلب استخدام أداة تحليل المضمون،بالإضافة إلى الاستبيان أو المقابلة العلمية، بمعنى ان هذه الدراسات لها شقين؛ تحليلي، وميداني، وبالتالي فإن هذا النوع من الدراسات لا يصلح للبحوث ذات الطابع التاريخي، فلا يمكن مثلا اجراء دراسة في إطار البحوث الإعلامية حول (دور الصحافة العثمانية في ليبيا تشكيل الصورة الذهنية عن الاستعمار الايطالي)، فالدور هنا يظل ناقصا ما لم تجرى دراسة ميدانية على الجمهور المستهدف لمعرفة مدى قيام الصحافة العثمانية بدورها ذاك.
وهكذا فإن شرط الصلاحية يعد من بين أهم الشروط التي على الباحث مراعاتها عند اختياره لمشكلة بحثية ذات قيمة وجديرة بالدراسة.
4 - توفر الإمكانيات
ترتبط الامكانيات بالعديد من الاعتبارات، منها ما يتعلق بالجانب المادي المطلوب لإنجاز البحث، ومنها ما هو شخصي يتعلق بالباحث مباشرة، ومنها ما يتصل ببعض العوامل الاخرى المساعدة، حيث يقصد بالإمكانيات مجموع العناصر المتاحة للباحث والتي تمكنه من إنجاز بحثه بالصورة المطلوبة .
فالإمكانيات المادية تشمل؛ توفر المال اللازم لإنجاز البحث، حيث قد يتطلب الأمر تنقل الباحث من مكان إلى أخر، وقد يتطلب منه السفر إلى خارج البلاد، وأن يقيم في أماكن متعددة، وقد يحتاج الباحث إلى طباعة وسحب وتصوير كميات كبيرة من الورق، واقتناء المراجع والكتب والوثائق والمؤلفات والدوريات التي يحتاجها الباحث لإتمام بحثه، كما قد يتطلب البحث حجز معامل ومختبرات ومواد معينة لإجراء بعض التجارب المعملية، حيث يتطلب كل ذلك أموال كثيرة للإنفاق على مراحل وعمليات البحث .
وقد أدركت العديد من الدول هذه الحقيقة فبادرت بتأسيس المراكز البحثية وتزويدها بكافة الإمكانيات اللازمة، التي تتيح للباحثين الظروف والأجواء المناسبة لإنجاز أبحاثهم العلمية بالصورة المطلوبة .
وتشمل الامكانيات التي يتطلبها البحث العلمي أيضا جوانب أخرى تتعلق بالباحث وشخصيته العلمية، كخبرة الباحث، و مهارته، وكفاءته العلمية، و جديته، ورغبته، وقدرته على التحليل والكتابة العلمية والاستنتاج والاستخلاص والصياغة العلمية، وهي ما يمكن أن نطلق عليها مجتمعة الإمكانيات العلمية للباحث .
كما يتطلب اختيار المشكلات العلمية ودراستها توفر العناصر البشرية البحثية المساعدة، والمتمثلة في فرق العمل البحثي التي يحتاجها البحث في جمع المعلومات والبيانات وتنفيذ التجارب المطلوبة، والنزول إلى الميدان ومقابلة المبحوثين والتواصل معهم، حيث يجب أن تتصف تلك العناصر بالخبرة والمهارة والكفاءة .
ان عدم توفر كل أو بعض تلك الامكانيات قد يقف حائلا دون استكمال وإنجاز البحوث العلمية، وتعثر الباحثين في إنجاز بحوثهم، وقد لاحظت من خلال التجربة الشخصية في الإشراف والمتابعة الادارية والاكاديمية للعديد من طلاب الدراسات العليا ان بعض الموضوعات والمشكلات العلمية على الرغم من أهميتها وجودتها وصلاحيتها إلا أنها تنجز بطريقة متواضعة جدا بسبب امكانيات الباحث العلمية المتواضعة، وافتقاره إلى المهارة البحثية، كما قد يعجز بعض الباحثين على إنجاز موضوعات بحثية على الرغم من أهميتها، ويتوقف البعض الأخر عن الاستمرار في البحث، وهي كلها أمور تعود في الغالب إلى مجموع الإمكانات المتاحة للباحثين.
5 - وجود الرغبة والحماس
يعد عامل الرغبة من بين العوامل المهمة التي يجب أن تكون حاضرة لدى الباحث، والتي تتدخل إلى حد كبير في اختياره لمشكلة بحثية معينة ودراستها، وهي التي ترفع من درجة الجدية عنده، وتزيد من حيويته ونشاطه البحثيين، وتجعله أكثر قدرة على الاستمرار حتى في ظل وجود العقبات التي قد تعترض طريقه البحثي، وتشكل الرغبة داعما نفسيا مهما للباحث، حيث تحول بينه وبين التوقف على انجاز دراسته، وتقوده إلى العمل على تحقيق أعلى مستويات الجودة العلمية .
كما أن توفر عامل الحماس لدى الباحث يجعله يتقد حيوية ونشاطا، ويرفع من درجة رغبته في إنجاز مشروعه البحثي في زمن قياسي، ويضاعف الجهد لديه، ويجعله متابعا لكل صغيرة وكبيرة في بحثه، ملما بكافة تفاصيله، ساعيا للحصول على كل ما هو جديد من معلومات في موضوع دراسته .
والحماس هو الذي يجعل الباحث ينفق المال اللازم بسخاء لإنجاز دراسته، ويتفرغ لبحثه على حساب ظروف اخرى كثيرة، ويتنقل من مكان إلى آخر لاستكمال كل نقص، كما أن الحماس يجعل الباحث قادر على الدفاع على بحثه أمام اللجان العلمية التي تتولى تقويم البحث ومناقشة الباحث، في مقابل ذلك فإن غياب الرغبة والحماس لدى الباحث في دراسة مشكلات علمية معينة يجعله مترددا في اختيارها ودراستها.
وهكذا فإن رغبة الباحث وحماسه تجاه الموضوع الذي اختاره لنفسه تسهم إلى درجة كبيرة في جعل الباحث يبذل كل جهده ووقته وإمكانياته من أجل إنجاز بحثه وتحقيق أهدافه العلمية بالصورة المثلى، وترفع من درجة دافعية الإنجاز لديه، في مقابل ذلك فإن غياب الرغبة وتراجع الحماس لدى الباحث يجعله مترددا، وغير واثقا فيما يتخذه من خطوات، بطيئا في إنجازه، وهو ما ينعكس بعد ذلك سلبا ليس فقط على مستوى أدائه ونشاطه البحثي، لكن أيضا على مستوى وجودة ما يقوم به من عمل علمي.
6 - القيمة العلمية
من المهم جدا أن يختار الباحثين مشكلات لدراستها تكون ذات قيمة علمية، بمعنى أن تكون ذات أهمية علمية، وجديرة بالدراسة والبحث، وانها تستحق أن يبذل الباحث لأجلها وقته وجهده وماله، نظرا لما ستحققه من فائدة على الصعيد العلمي والعملي ايضا .
ومفهوم القيمة العلمية يجمع بين الاصالة والمكانة والأهمية، فكلما كانت المشكلة اصيلة ولها جذورها العلمية، وذات مكانة بارزة تجعلها جديرة بالدراسة، وتتمتع بأهمية في مجالها العلمي، ومحيطها الاجتماعي، كلما كان للمشكلة العلمية قيمة عالية تعزز من قرار اختيارها للدراسة والبحث .
وبالتالي فإن على الباحث ان يبذل قصار جهده للعثور على المشكلات الحقيقية، وأن يكون قادرا على اقتناص الأفكار البحثية التي تستحق أن يمنحها الوقت والجهد والمال، والتي تسهم في وضعه في مصاف الباحثين المتميزين.
7 - مدى الإفادة من نتائج الدراسة
من الحقائق المهمة التي يجب أن يعيها الباحثون هو أن البحث العلمي ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة وأداة لتحقيق غايات لها انعكاساتها الايجابية على المجتمع الذي ينتمي إليه الباحث، وعلى الانسانية عموما، وبالتالي فإن على الباحث ان يسأل نفسه قبل ان يحسم أمره في اختيار وتحديد مشكلة علمية لدراستها، ما الذي ستقدمه هذه الدراسة من فائدة لمجتمعه خصوصا وللبشرية عموما .
ان كل المعايير والشروط السابق ذكرها تكون غير ذات معنى ما لم تكن المشكلة البحثية ذات فائدة علمية أو تطبيقية، وان نتائجها سيستفاد منها في تطوير المعرفة العلمية، أو في حل قضايا عالقة، ويعكس مفهوم الفائدة مدى اهمية وواقعية البحث العلمي، التي تترجم في صورة نتائج ملموسة وحقيقية .
لذا فإن على الباحثين أن يتجهوا لاختيار المشكلات التي من المنتظر أن تكون لنتائجها فائدة حقيقية، كأن توفر معلومات يحتاجها المجتمع، أو تقدم تصور عملي لحل قضايا معينة، او تساهم في التنمية في مجالها، وبالإمكان تطبيق نتائجها وتعميمها، وانها تضيف جديد للباحثين والدارسين، أو تسهم في تطوير نظرية قائمة، أو تعزز قانون أو تعدله، أو ما إلى ذلك مما يساعد على تقدم
المجتمع وتطوره .
أنه وبالإضافة إلى الشروط السبع السابقة التي على ضوئها يتم اختيار المشكلات البحثية، فإن على الباحث ايضا وقبل ان يقدم على اختيار مشكلته البحثية أن يجيب على الأسئلة التالية :
- هل لديه ميل شخصي لدراسة المشكلة العلمية المقترحة؟
- هل المشكلة العلمية المطروحة أمامه تتوافق مع تخصصه العلمي؟
- هل يمتلك القدرة على معالجة مشكلته البحثية بحيادية وموضوعية؟
- ما مدى توفر وكفاية المصادر والمراجع التي يحتاجها لإنجاز بحثه؟
- هل يمتلك الوقت الكافي الذي يمكنه من إنجاز بحثه بالصورة المطلوبة؟
- هل تتطلب المشكلة التي يعتزم دراستها اجادة لغة اجنبية؟
- هل تسمح قيم المجتمع الدينية وثقافته ومعتقداته بدراسة المشكلة البحثية المقترحة؟
مصادر اختيار المشكلات البحثية
تتعدد المصادر التي يعتمد عليها الباحثون في الحصول على المشكلات العلمية الجديرة بالدراسة، إلا انه وقبل التعرض بالتفصيل لتلك المصادر نشير إلى ما ذكره (فيوتني) (FI WHITNEY) من وجود أربعة مقترحات تدور حولها مصادر المشكلة تمثل مرشدا للباحث، وأنه باتباعها يستطيع الباحثون أن يلمسوا موضوعات جديدة لم يسبق تناولها، أو التأكد من صحة النتائج التي تم التوصل إليها الباحثون السابقون .
وتلك المقترحات هي :
- تحليل ما أمكن الوصول إليه من معلومات أو معارف .
- اظهار الجوانب الناقصة او الغامضة في البحوث السابقة .
- بيان وضع تضارب واختلاف آراء الباحثين التي لم يتم اختبارها علميا .
- إلقاء الضوء على النقاط التي لم يتم بحثها، واختلفت حولها وجهات النظر.(١١)
أما فيما يتعلق بمصادر المشكلات البحثية فإنه يمكننا تحديدها في الآتي : (١٢)
1 - القراءة العميقة للباحث
أن القراءات العميقة الناقدة والتحليلية والمستمرة تسهم في تشكيل أفكار الباحث ورؤيته، وتساعده على ادراك الواقع من حوله بصورة أفضل من غيره، كما أن القراءات الناضجة تقود الباحث إلى تلمس مواطن القوة والضعف في كثير مما كتب حول القضايا والمشكلات التي تقع في نطاق اهتمامه وتخصصه، وتفتح ذهنه تجاه ما يطرح من أراء وأفكار، وتمكنه من رصد المشكلات والقضايا الجديرة بالبحث والدراسة، والتي لم يسبق دراستها من قبل، أو لم تدرس بالصورة الكافية ومازال يحيط بها بعض الغموض واللبس، كما يمكن ان تضع تلك القراءات يد الباحث على الاولويات البحثية التي يحتاجها مجتمعه، ذلك أن لأي مجتمع قضايا وموضوعات تشكل أولوية بالنسبة له، من حيث حاجته لدراستها، وتقديم حلول بشأنها .
وتتمثل القراءات التي يجب على الباحث أن يلجأ إليها ويتابعها في:الدوريات العلمية والكتب والمنشورات التي تقع في تخصصه، والتقارير والإحصائيات التي تعدها وتصدرها جهات الاختصاص، ورسائل الماجستير والدكتوراه، وبحوث المؤتمرات والندوات والحلقات العلمية، والبحوث التي تجريها الجامعات والمراكز البحثية.
2 - الملاحظة العلمية للباحث
تتيح الملاحظة العلمية الواعية للباحث الجاد القدرة على رصد وتتبع المشكلات البحثية المهمة الجديرة بالبحث والفحص والدراسة، وتختلف الملاحظة العلمية كثيرا عن الملاحظة العابرة التي يمارسها الشخص العادي في حياته اليومية، فالقدرة على رصد وتشخيص وتخير المشكلات البحثية هي صفات يتسم بها الباحثون المتميزون الذين يمتلكون بصيرة نافذة وقدرة على توظيف الملاحظة في التعرف على المشكلات والقضايا البحثية المهمة التي تؤرق المجتمع وتحتاج إلى حلول .
3 - الاهتمامات الشخصية للباحث
تتدخل الاهتمامات الشخصية للباحث لتشكل هي الأخرى مصدر احساسا بالمشكلات البحثية الجديرة بالدراسة، ذلك أن الموضوعات والقضايا والمشكلات التي تقع في نطاق متابعة الباحث واهتماماته لابد أن تكون لها الأولوية في البحث والدراسة، حيث لكل باحث ميول بحثية معينة تجاه موضوعات وحقول بحثية معينة، تكون محط اهتمامه الدائم سواء من حيث القراءة أو المتابعة او البحث .
فالباحث الإعلامي مثلا الذي يهتم بقضايا تكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة تنصب اهتماماته على استخدامات تلك التكنولوجيا في وسائل الإعلام وتأثير ذلك الاستخدام على المتلقي، والإشباعات التي تحققها له، ومخاطر استخدام تلك التكنولوجيا، ومع مرور الوقت يتكون لديه اتجاه بحثي معين في هذا الحقل العلمي، وبالتالي تتركز قراءاته وكتاباته ومناقشاته في هذا المجال، وتتشكل لديه رؤية معينة، وتتراكم عنده المعرفة والخبرة في هذا الحقل، ويصير على درجة عالية من الإلمام بكل ما ينشر حوله .
وهكذا تقود الاهتمامات والميول الشخصية الباحث نحو موضوعات محددة دون غيرها.
4 - التخصص العلمي للباحث
يلعب التخصص العلمي أيضا دورا أساسيا في اتجاه الباحث نحو موضوعات معينة، بل ان الملاحظة العلمية والاهتمامات الشخصية والقراءات غالبا ما تستند على تخصص الباحث، وتتم في إطار هذا التخصص، وذلك على الرغم من ان اهتمامات بعض الباحثين – احيانا – قد تتجه إلى خارج نطاق تخصصهم العلمي، ولعل ذلك يكون أكثر وضوحا في مجالات العلوم الانسانية والاجتماعية، حيث تتقارب وتتداخل تلك العلوم، وتقع العديد من موضوعاتها على تماس من بعضها البعض، فالدراسات الإعلامية مثلا لها ابعاد اجتماعية وسياسية ونفسية واقتصادية وتربوية، وهكذا أيضا بالنسبة لبقية العلوم الانسانية .
إلا أن الغالب هو أن يتجه الدارس إلى البحث في الحقل العلمي الذي اختار التخصص فيه، حيث يكون أكثر دراية فيه من غيره من الباحثين القادمين من مجالات وتخصصات أخرى، وبالتالي أكثر قدرة على سبر اغواره والابداع فيه وفهمه، وأكثر قدرة كذلك على التعامل مع الحقائق المتعلقة به وفق المنهجية المتبعة والمتعارف عليها في هذا التخصص، واستخدام المناهج والأدوات العلمية التي تتناسب معه، وأكثر قدرة على التفسير العلمي لما يصل إليه من نتائج في إطار العلم الذي يبحث فيه، ومقارنة ما توصل إليه في أبحاثه مع نتائج دراسات وابحاث الآخرين الذين سبقوه بالبحث والدراسة في ذات الحقل.
5 - الدراسات السابقة
تشكل الدراسات السابقة الواقعة في نطاق تخصص الباحث و القريبة من تخصصه ارثا علميا مهما، ومجالا خصبا يتيح للباحث رصد أهم ما توصلت إليه تلك الدراسات من نتائج، وما تثيره من دراسات مستقبلية قد يقترحها الباحثين الذين أجروا تلك الدراسات.
وتتيح الدراسات السابقة للباحثين المجال للتعرف على المشكلات التي أخضعت للدراسة، وتلك التي لم يتم دراستها بعد، فالدراسات السابقة توفر ببلوغرافيا مهمة يستفيد منها الباحثين، كما أن نتائج تلك الدراسات من شأنها ان تثير لدى الباحثين تساؤلات تتعلق بمشكلات جديدة جديرة بالدراسة .
ويتيح الاطلاع على الدراسات السابقة التعرف على الجوانب التي لاتزال في حاجة للمزيد من البحث، وتقود الباحثين إلى ملامسة موضوعات وقضايا ومشكلات بحثية متصلة بتلك الدراسات، كما تمكنهم من رصد الجوانب التي اهملتها تلك الدراسات، وبالتالي محاولة تغطيتها وسد النقص المتصل بها .
كما أن من شأن الدراسات السابقة أن تفتح الآفاق أمام الباحثين للتعرف على مشكلات لم يكونوا على دراية كافية بها، وتوسع مداركهم البحثية، وتجعل أذهانهم تتفتق على مشكلات علمية جديدة، وتثير الدراسات السابقة الخيال العلمي للباحثين، وتوجههم نحو أكثر القضايا والمشكلات الحاحا، وتجعلهم على درجة عالية من الوعي البحثي، الذي يقودهم للتعرف على أنسب وأيسر السبل لاقتناص الأفكار والمشكلات البحثية .
وبالتالي فإن الدراسات السابقة تعد مصدرا مهما واساسيا للباحثين الجادين الذين يبحثون عن قضايا ومشكلات ملحة وجديرة بالبحث والدراسة، وهي لذلك مصدرا لا غنى عنه للتعرف على الاتجاهات والقضايا البحثية الحديثة، وما يتطلب من الباحثين دراسته.
المشكلات التي تواجه الباحثين في اختيار المشكلات
البحثية
سبق أن أشرنا إلى أن خطوة اختيار المشكلة البحثية تعد من الخطوات المهمة والرئيسية في البحث العلمي، وهي بالتالي من اصعب الخطوات والتي قد يقضي الباحث المبتدئ وقت طويل في تحديدها، حتى انني اذهب دائما إلى أن اختيار وتحديد الباحث لمشكلته البحثية، ومعرفته بأبعادها المتعددة وصياغتها بإحكام تجعل من انجاز بقية مراحل البحث اسهل بكثير مما قد يتصور، لذلك نلاحظ ان الكثير من الباحثين وخاصة الجدد منهم يقضون أوقاتا طويلة قبل أن يكونوا قادرين على وضع أيديهم على معالمها، ويكون من الصعب عليهم وضع الصياغة المناسبة والمحكمة للمشكلة التي ينوون دراستها، ولذلك نجد الكثيرون يتخبطون في هذه المرحلة، غير قادرين على وضع أيديهم بالصورة الصحيحة على مشكلة بحثية ذات قيمة ودلالة علمية، ولذلك يتردد دائما أن اختيار مشكلة بحثية جديرة بالدراسة هي عملية أكثر صعوبة وتعقيدا من دراسة تلك المشكلة وتقديم الحلول المناسبة لها .
وتتحدد كافة الخطوات المنهجية اللاحقة بناء على المشكلة البحثية،
فهي التي بناء عليها سيتم تحديد نوع الدراسة ومنهجها وأدواتها، وتحديد مجتمع الدراسة، ووضع الأهداف والتساؤلات و الفروض البحثية.
ويلاحظ ان الكثير من الباحثين المبتدئين يقعون في أخطاء كثيرة عند اختيار وصياغة مشكلاتهم البحثية، وذلك كالتالي :
- صياغة المشكلة بطريقة فضفاضة وواسعة، وغير محددة المعالم، مما يجعل من الصعب دراستها والوصول إلى نتائج بخصوصها، فقد يصيغ الباحث المبتدئ عنوان كالتالي: (دور وسائل الإعلام في التوعية السياسية للشباب) وهو عنوان عريض ومتشعب وغير محدد، والأصح أن يصاغ هذا العنوان كالتالي: (دور الصحافة اليومية في التوعية السياسية للشباب الجامعي بمدينة طرابلس ، )فالعنوان الأخير يعكس مشكلة محددة وواضحة المعالم ، وبالإمكان دراستها .
- وعلى الباحث أن يدرك وهو بصدد اختيار مشكلة بحثية للدراسة "ان الدراسات الجيدة هي التي تبتعد في موضوعاتها عن الشمولية والتوسع" (١٣).
- قد يقع بعض الباحثين المبتدئين في فخ الابهار، حيث ينبهرون ببعض العناوين البراقة، والتي قد تبدو جذابة ومبهرة ورنانة للوهلة الاولى، لكنها قد تخلو من الواقعية العلمية، وتصعب بالتالي عملية دراستها، وكمثال على ذلك العنوان التالي: (دور وسائل الإعلام في الثورات العربية)، فقد يبدو عنوان كهذا ملفت للنظر وجذاب نظرا لارتباطه بالثورة والحرية والتغيير والإعلام، وهي جميعها عناصر براقة، إلا ان الواقع البحثي يجعل من المستحيل دراسة موضوع كهذا بهذه الطريقة.
- اختيار موضوعات بحثية تفوق إمكانيات الباحث وقدرته، وهو ما قد يتسبب في تعثر الباحث وتأخره في انجاز بحثه، بل وربما توقفه تماما في مرحلة من مراحل البحث، وتشمل الامكانيات جانبين، أحدهما مادي يتمثل في المصاريف المالية التي يحتاجها الباحث لإنجاز بحثه، والثاني معرفي علمي يتمثل في قدرة الباحث العلمية ومدى ما يتوفر له من مهارات بحثية، وقدرة على الرصد والتحليل والتفسير والمقارنة والاستنتاج، خاصة وان بعض الموضوعات قد تحتاج إلى جهد إضافي من الباحث، كالموضوعات الجديدة التي لم يسبق إخضاعها للبحث والدراسة.
صياغة المشكلة البحثية (١٤)
تتطلب صياغة المشكلة البحثية مهارة عالية من الباحث، تتجسد في قدرته على وضع يده على الكلمات المناسبة التي تتسم بالوضوح والدقة والتركيز، والتي تحدد معالم المشكلة وحدودها، وتبرز من خلالها المسألة الجوهرية التي يريد الباحث دراستها وفهمها، وهذه الصياغة يتطلب ان تكون مختصرة وواضحة بذاتها ومنضبطة، وتعكس هدف الدراسة، ومتغيراتها وسؤالها الرئيسي، وما الذي يريد أن يقوم به الباحث عبر رحلته البحثية .
وفي العادة تصاغ المشكلة البحثية بطريقتين اثنتين، وذلك كالتالي :
1 – الطريقة الأولى، أن تصاغ المشكلة في شكل سؤال رئيس كبير، تتم الاجابة عليه من خلال البحث، بمعنى أن يكون الجواب على هذا السؤال هو الهدف الأساسي من البحث، ومن أمثلة ذلك :
• ما اتجاهات مشاهدي القنوات الفضائية محل الدراسة نحو الإعلانات التجارية التي تبثها تلك القنوات؟
• ما استخدامات الأطفال لبرامج الرسوم المتحركة في التلفزيون الليبي والاشباعات المتحققة جراء ذلك؟
• ما دور الإذاعات المسموعة المحلية موضع الدراسة في التنمية الثقافية لربات البيوت؟
• ما دور العلاقات العامة في تحسين الصورة الذهنية لصندوق الضمان الاجتماعي للعاملين لحساب انفسهم؟
• ما اتجاهات الخطاب الصحفي في ليبيا نحو قضية المصالحة الوطنية؟
نلاحظ من الأمثلة السابقة وضوح المشكلات البحثية، والتي تمت صياغتها على شكل سؤال واضح يحتاج إلى اجابة محددة، تمثل الغرض النهائي من البحث، ويجب ان نفرق هنا بين السؤال الذي تدور حوله المشكلة البحثية، وبين اسئلة الدراسة التي سيأتي الحديث عنها لاحقا، حيث يخلط بعض الباحثين بين الأثنين، فالسؤال الذي تصاغ من خلاله المشكلة البحثية يمثل الإطار العام للدراسة، وهو سؤال رئيسي يحدد مسار البحث بالكامل، وتتجسد فيه مشكلة البحث، أما تساؤلات الدراسة فهي مجموع التساؤلات الرئيسية والفرعية التي تتحدد بعد ذلك بناء على الهدف العام للدراسة، وهي أسئلة تفصيلية من شأنها أن تجيب مجتمعة على السؤال العام لمشكلة الدراسة، ويتحدد نجاح البحث برمته على مدى قدرة الباحث على الاجابة اجابة واضحة وكاملة على السؤال الذي تنطلق منه المشكلة البحثية، ثم على قدرته على الاجابة على التساؤلات التفصيلية لدراسته.
2 – أما الطريقة الثانية التي تتم بها صياغة المشكلة البحثية فهي كتابتها في شكل عبارة تقريرية، تصف الحالة التي يرغب الباحث في دراستها، وهنا فإن على الباحث ان ينتبه إلى ان هذه العبارة التقريرية يجب أن تصاغ بلغة واضحة بذاتها لا لبس فيها، وأن تكون جامعة مانعة، بمعنى ان تتضمن كل أبعاد المشكلة، ومن أمثلة ذلك :
• علاقة مشاهدة تلاميذ المرحلة الابتدائية بمدينة طرابلس للتلفزيون بالسلوك العدواني لديهم.
• القيم التي تعكسها إعلانات قناة c b m واتجاهات الطلاب الجامعيين في ليبيا نحوها.
• التطور التاريخي للصحافة الليبية المتخصصة في شؤون المرأة.
ويفضل اغلب الباحثين صياغة مشكلته من خلال سؤال محدد ومركز وواضح، حيث يعد ذلك اسهل، واكثر دقة، خاصة بالنسبة للباحثين الجدد، فالصياغة التساؤلية أكثر وضوحا وتجعل الباحث يتجه مباشرة إلى الاجابة على السؤال الذي تنطلق منه مشكلته البحثية.
معايير صياغة المشكلة البحثية
يضع المتخصصون اربعة شروط تمثل المعايير التي يجب الالتزام بها عند صياغة المشكلات البحثية، وتتمثل تلك المعايير أو الشروط في ما يلي:(١٥)
- يجب أن تكون صياغة المشكلة في عبارة محددة أو سؤال وواضح.
- يجب ان توضح المشكلة علاقة بين متغيرين أو اكثر، مع تحديد المجتمع الذي تشمله الدراسة .
- يجب أن تكون المتغيرات التي تحددها المشكلة متفقة مع المتغيرات التي تعالجها أدوات الدراسة في الجزء الخاص بالإجراءات، كما يجب أن يكون المجتمع كما حددته المشكلة متفقا مع عينة البحث أو الأفراد الذين تشملهم عينة الدراسة .
- يجب أن تكون المشكلة قابلة للبحث أو التحقق الامبيريقي.
كيفية اختيار المشكلات البحثية (١٦)
نقصد هنا بكيفية اختيار المشكلات البحثية الجهة التي تحدد المشكلة البحثية الجديرة بالدراسة، أو ترشد الباحث وتوجهه إلى دراسة مشكلات بحثية معينة، حيث يختلف الحال في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، عنه في المراكز البحثية، و بالمجمل هناك خمس جهات يمكن أن تحدد أو تتدخل في تحديد مشكلة البحث الجديرة بالدراسة، وذلك كالتالي :
- في حال طلاب الدراسات العليا والدقيقة قد يتولى الأساتذة بالقسم العلمي الذي يدرس به الطلاب اقتراح مجموعة من المشكلات البحثية المهمة، وتوجيه أنظار واهتمامات الطلاب اليها، بمعنى ان يتولى بعض أو احد الأساتذة اقتراح موضوعات محددة للدراسة، ويختار منها الطلاب ما يناسبهم ويتوافق مع اهتمامات كل منهم .
- أن يقترح الطالب – في حال الدراسات العليا والدقيقة ايضا - مجموعة من الأفكار يتناقش فيها مع أحد او بعض الأساتذة من ذات التخصص، ويتم الاتفاق بناء على ذلك على مشكلة بحثية محددة .
- في حال المراكز البحثية تتولى اللجان العلمية بتلك المراكز تحديد المشكلات البحثية التي تدخل في أولوياتها واهتماماتها وتدعو الباحثين للبحث فيها .
- أما في الأبحاث الموجهة للنشر في المجلات العلمية المحكمة فإن الباحث هو الذي يختار بنفسه المشكلة البحثية التي يرى انها تستحق الدراسة .
- وفي المؤتمرات العلمية يتولى الباحثون الذين يرغبون في المشاركة في تلك المؤتمرات تحديد المشكلات البحثية التي تتفق واهتماماتهم، وفق ما يتم تحديده من محاور تتولى اللجنة العلمية بالمؤتمر وضعها وتعميمها عبر وسائل النشر على الباحثين.
إرشادات وملاحظات عامة حول اختيار المشكلات
البحثية :(١٧)
نقدم هنا بعض الإرشادات والملاحظات الموجهة تحديدا لطلاب الدراسات العليا والدقيقة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، والتي من الممكن أن تلفت انتباههم إلى جملة من القضايا المهمة عند اختيارهم للمشكلات البحثية التي يرغبون في دراستها، وذلك كالتالي :
- عدم التعجل في اختيار موضوعات دون الإلمام بكافة الجوانب المتعلقة بها، في مقابل ذلك فإن على الطالب التريث في اختيار مشكلة تستحق البحث والدراسة، وعلى الطالب أن يعي أن العبرة ليست في التعجل بتقديم موضوع معين للمجلس العلمي بالكلية أو القسم الذي يدرس به، وإنما العبرة في قيمة وأهمية ومكانة الموضوع الذي يقدمه .
- على الطالب أن يدرك أن عملية اختيار مشكلة بحثية تستحق البحث والدراسة ليست من الأمور الهينة، وان امامه جهد وعمل ذهني كبير ومضني يتطلب منه ان يقضي وقتا طويلا بين رفوف المكتبات الجامعية، خاصة تلك التي تتضمن بحوث ودراسات لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتخصصه العلمي، وأن يطلع على كل أكبر عدد ممكن من الدراسات والبحوث، وأن يراجع توصيات ومقترحات الباحثين الذين سبقوه، وأن يطلع على ملخصات البحوث المنشورة على بعض المواقع العلمية بشبكة المعلومات الدولية، كما ان عليه ان يطلع على الدوريات العلمية في مجال تخصصه الصادرة في بلده وخارج بلده، وأن يسعى للوصول إلى بحوث المؤتمرات والندوات العلمية التي تنظمها الجامعات والمراكز البحثية، أن كل هذه المراجعات العلمية ستساعد الباحث على تلمس الكثير من المشكلات البحثية الجديرة بالدراسة.
- على الطالب أن يكثر في هذه المرحلة من مجالسة أساتذته والتواصل معهم، وفتح حوارات علمية معهم حول القضايا والمشكلات الملحة في مجال تخصصه، وأن يستمع بينهم إلى كل ما يطرحونه من أفكار وآراء علمية، حيث من الممكن أن تقود تلك الحوارات إلى الخروج بأفكار بحثية مهمة .
- من المهم جدا للطالب أن يحضر مناقشات الرسائل العلمية في مجال تخصصه، وأن يستمع إلى الملاحظات والأفكار العلمية التي تطرح أثناء المناقشة، حيث من شأن كل ذلك أن يلفت انتباه الطالب إلى مشكلات بحثية مهمة .
- من المناسب أن يبدأ الطالب بالتفكير في تحسس ومحاولة اختيار مشكلة بحثية منذ مرحلة دراسة مواد دبلوم الدراسات العليا، حيث يكلف الطلاب من قبل أساتذتهم بإعداد ورقات بحثية معينة في موضوعات مختلفة، وعندئذ قد يقع في يد الطالب موضوع يستهويه ويرى أنه من الممكن دراسته، وفي هذه الحالة من المهم أن يستشير الطالب أساتذته، وأن يستمع إلى آرائهم في ما يتعلق بصلاحية الموضوع للدراسة من عدمه، وفي حال التوصل إلى اتفاق بخصوص صلاحيته للدراسة فإنه من الممكن أن يبدأ في تطويره بما يجعله في مستوى مشكلة قابلة للبحث من خلال رسالة ماجستير، أو اطروحة دكتوراه .
- وهنا ننبه الطلاب إلى ان بعض الورقات البحثية التي يعدونها خلال مرحلة الدبلوم من شأنها إذا ما أحسنوا واجادوا اختيار موضوعاتها أن تتحول بعد التطوير إلى موضوعات قابلة للبحث في شكل رسالة أو اطروحة علمية، والأمر يتوقف على عدة اعتبارات، من أهمها مدى جدية الطالب البحثية، وقدرته على اختيار موضوع ملائم، واقتناعه به، وتحمسه له، ومدى ما يتوفر له من مهارات تواصل وحوار علمي مع أساتذته.
- من المفيد جدا أن يجلس الطالب في حلقات علمية مع زملائه الطلبة، في جلسات خارج قاعات الدرس، للتحاور والتداول وتبادل الآراء والأفكار العلمية، حول الموضوعات التي يروا أنها مناسبة للدراسة، وسيكون النقاش والحوار أكثر فائدة وجدوى في حال مشاركة الطلاب ممن اجتازوا هذه المرحلة، وبدأوا في إعداد رسائلهم، أن من شأن هذه الحوارات العلمية ان تفتح الأذهان على قضايا ومشكلات علمية جديرة بالدراسة.
- على الطالب ألا يقف عند موضوع معين ويحصر فيه نفسه، بل عليه ان يضع امامه خيارات لموضوعات متعددة، حتى إذا ما رفض المجلس العلمي بالقسم أحد تلك الموضوعات يكون مستعدا لتقديم موضوع اخر، وعليه في هذه الحالة أن يتمتع بنفس طويل وسعة بال وصبر ومثابرة، وأن يتخلص من العناد، والا يتحسس او يتضايق أو يتبرم من عملية الرفض لما يقدمه من موضوعات ومقترحات، بل عليه أن ينصت جيدا للملاحظات التي يبديها الأساتذة، وأن يدرك أن الهدف دائما هو دفع الطالب إلى اختيار موضوع ذا قيمة علمية، وأن عملية الرفض لما قدمه من مقترحات ليست موجهة لشخصه، وإنما للموضوعات التي يرى المجلس العلمي أنها غير صالحة للدراسة لاعتبارات علمية محضة.
مفهوم المشكلة في البحث العلمي هو نفس مفهومها لدى الناس العاديين؟
نعم، المشكلة العلمية مفهومها واحد في البحث العلمي وعند الناس العاديين، فالمشكلة كما هو معروف تدور حول ظاهرة أو موقف معين تتطلب إيجاد معالجة وحلول لها.
ولكن هناك اختلاف دقيق، فالمشلكة يجب أن تكون محددة ويجب أن تكون ذات أهمية بالنسبة للبحث العلمي، أما الناس العاديين يطرحون مفهوم المشكلة بمفهومها العام وقد تكون المشكلة لا أهمية علمية لها.
أمثلة على كيفية صياغة مفهوم مشكلة البحث العلمي عن الناس العاديين وعند الباحث العلمي:
الناس العاديين يطرحون مفهوم المشكلة بالشكل التالي:
مثلا: (ما هي أفضل طريقة لتعلم اللغة الإنجليزية؟)
نلاحظ أن هذا المفهوم عام وغير محدد ولا يوجد جواب دقيق له.
أما الباحث العلمي فهو يطرح مفهوم المشكلة بالشكل التالي:
مثلا: (هل هناك علاقة بين طريقة تعلم اللغة الإنجليزية ومستوى الكفاءة اللغوية؟)
نلاحظ أن هذا المفهوم محدد وقابل للدراسة والتقصي للوصول إلى نتائج دقيقة للدراسة.
ومن هنا يتضح لنا أن مفهوم المشكلة في البحث العلمي هو نفس مفهومها لدى الناس العاديين ولكن البحث العلمي يتطلب مشكلة محددة وقابلة للاختبار.
قائمة المراجع:
١- السيد احمد مصطفى، اعداد المقترحات الأولية لمشروعات البحوث: نموذج للتطبيق، بنغازي، منشورات جامعة قاريونس،
1992م، ص 28.
٢- شريف درويش اللبان، هشام عطية عبد المقصود، مقدمة في مناهج البحث الإعلامي، القاهرة، الدار العربية للنشر والتوزيع،
2008م، ص 44.
٣- عبدالباسط محمد حسن، أصول البحث الاجتماعي، ط7 ،القاهرة، مكتبة وهبة، 1980، ص 148.
٤- محمد عبدالحميد، البحث العلمي في الدراسات الإعلامية، القاهرة، دار الكتاب، 2004م، ص 70.
٥- بركات عبدالعزيز، مناهج البحث الإعلامي، القاهرة، دار الكتاب الحديث، 2012م، ص 72،71.
٦- محمد منير حجاب، الأسس العلمية لكتابة الرسائل الجامعية، ط3 ،القاهرة، دار الفجر، 2000م، ص 22.
٧- - غازي حسين، البحث العلمي، الرياض، مؤسسة شباب الجامعة، ص 179.
٨- غازي زين الدين عوض الله، الخطاب الإعلامي مادته وأشكاله، القاهرة، دار الكتب، 2002م، ص 124.
٩- زيدان عبدالباقي، قواعد البحث العلمي، القاهرة، مكتبة
السعادة، 1972.
١٠- مسعود حسين التائب، البحث العلمي قواعده – إجراءاته - مناهجه، المكتب العربي للمعارف، 2018، ص 100،92.
١١- السعيد السيد الشلبي، مقدمة في بحوث العمليات والتحليل الكمي، القاهرة، مركز التنمية الصناعية، الجامعة العربية، 1974 ،ص 60.
١٢- مسعود حسين التائب، مصدر سابق، ص 104،101.
١٣- مسعود حسين التائب، مرجع سابق، 109،107.
١٤- خليفة شحاته الباح، طرق البحث العلمي في التربية البدنية، بنغازي، جامعة قاريونس، ، ص 45.
١٥- مسعود حسين التائب، مرجع سابق، ص 110،109.
١٦- Moor. G. W . Developing and evaluating educational research. Boston: 1- little. Broon. And combany. 1983. Bb. 42 – 83.
مفتاح محمد عبدالعزيز، مناهج البحث العلمي في العلوم التربوية والنفسية أساليبها وتقنياتها، بيروت، دار النهضة العربية، البيضاء ليبيا، مكتبة الزهراء للنشر والتوزيع، 2010م، ص 85.
١٧- مسعود حسين التائب، مرجع سابق، ص 113،112،111.